مذكرة عاجلة إلى المشير السيسي

مذكرة عاجلة إلى المشير السيسي 
تدعو إلى ضرورة فتح معبر رفح بشكل فوري ودائم إنفاذاً لأحكام اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949

تحية طيبة وبعد،

إن الموقف القانوني من سلطات الاحتلال الإسرائيلي واضح وقاطع وحاسم لجهة تجريمه الحصار على قطاع غزة، لكنه يحتاج إلى توضيح بالنسبة لدور مصر في هذا الحصار، من هنا كانت هذه المذكرة لسيادتكم.

سيادة المشير عبدالفتاح السيسي.. تعتبر المادة اﻷولى المشتركة في اتفاقيات جنيف اﻷربعة لعام 1949 أحد أهم ركائز القانون اﻹنساني الدولي. وتأتي أهميتها من خلال وجودها على رأس كل واحدة من اﻻتفاقيات اﻷربعة، ومن اللافت عدم وجود أية تحفظات أو إعﻼنات بشأن هذه المادة. تنص المادة نفسها على ما يلي:"تتعهد اﻷطراف السامية المتعاقدة على احترام وضمان احترام هذه اﻻتفاقية في كافة الظروف."

سيادة المشير عبدالفتاح السيسي.. تتحمل جمهورية مصر العربية مسؤولية واضحة، لجهة مساهمتها الفعّالة في حصار قطاع غزة عبر إغلاقها معبر رفح بشكل شبه دائم. وتعتبر أحكام "اتفاقية جنيف الرابعة" والتي وقعت عليها جمهورية مصر العربية مبكراً، ذات طبيعة آمرة ولا يجوز إبرام اتفاقية تناقضها، أو ممارسة أي إجراء يتعارض مع أحكامها. وترجع المسؤولية المصرية الى عدم تحركها الواضح لوقف جريمة الحرب المتمثلة بالحصار الإسرائيلي، والذي تسبب بوفاة مئات الأبرياء من المدنيين، إذ كان من الممكن، لمصر عندما تجد أن هناك انتهاكاً صارخاً لقواعد القانون الدولي الإنساني كونها أحد الأطراف المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، أن تتحرك لوقف جريمة الحرب هذه. 

إن التبريرات المصرية لا تستند الى أي قاعدة قانونية، بل إن الموقف المصري هو موقف سياسي لا يتطابق مع أحكام القانون الدولي.

سيادة المشير عبدالفتاح السيسي.. تُطالَبُ مصر مع غيرها من دول العالم باحترام تنفيذ اتفاقية جنيف الرابعة بغض النظر عن أي موقف سياسي لدولتكم. إن دولتكم تُسهم عملياً في هذا الحصار، عن طريق إغلاق معبر رفح، ومع أنها مدعومة قانونياً وإنسانياً إذا قررت تحدي إسرائيل بفتح المعبر. ورغم أن هذا الإغلاق في حالة السلم يُعَدّ من جرائم الإبادة الجماعية، بقطع النظر عن توافر نية الإبادة، فإن ممارسة الإغلاق أثناء العدوان يزيد من صعوبة الحياة ويسرع في خطوات الموت باتجاه المدنيين، وهي من أبرز الجرائم ضد الإنسانية، مثلما أنها من المخالفات الجسيمة للالتزام الأساسي في اتفاقية جنيف الرابعة، هو أن تهبّ جميع الدول الأطراف في هذه الاتفاقية لوقف جرائم الدولة المحتلة بحقّ الشعب المحتل. 

إن الكلام من أن إسرائيل هي المسؤولة عن قطاع غزة، وعليها فقط مساعدته إنسانياً هو كلام غير قانوني، وهو تهرُّب من المسؤوليات. لقد قامت دولة الاحتلال بخنق شعبنا والتضييق عليه من خلال إغلاق المعابر البحرية والبرية بشكل شبه دائم، فهل تتوقع يا سيادة المشير أن تكون إسرائيل رحيمة بشعبنا الآن، وقد اعتادت على مدار عقود على التنكيل به في الأراضي المحتلة وفي الشتات.

إنكم تمنعون يا سيادة المشير قوافل الإغاثة الطبية والإنسانية والوقود من الوصول إلى قطاع غزة، تمنعون الأطباء، تمنعون الوفود الغربية والعربية من التضامن مع أبناء غزة المذبوحين والمجروحين والمحاصرين.

هذا الالتزام يقع على مصر وعلى غيرها، وفقاً لفرص كل دولة في إنفاذ اتفاقية جنيف الرابعة الخاصة بحماية المدنيين. ولا شك في أن استمرار إغلاق المعبر، الرئة الوحيدة غير الإسرائيلية لغزة مع العالم الخارجي، يُعَدّ جريمة مستمرة، ولا يشفع في دفع هذه الجريمة ادعاء مصر بأنها حرة في إغلاق المعبر لاعتبارات مصلحة الأمن القومي، وأنّها لا تريد تحقيق هدف إسرائيل من فتحه، وهو دفع الفلسطينيين إلى سيناء وفق مخطط معروف.

سيادة المشير عبدالفتاح السيسي.. إزاء هذا الموقف القانوني من حصار قطاع غزة، وفي ظل ظروف العدوان المتواصل والآثار الكارثية على السكان المدنيين، فإن المنظمتين الحقوقيتين تطالب السلطات المصرية بفتح معبر رفح بشكل فوري، وأن الاستمرار في إغلاقه يحمّل سيادتكم مسؤوليات جنائية أمام الجهات القضائية الدولية القائمة أو أي جهة قضائية دولية قد تنشأ لاحقاً.

وتفضلوا بقبول فائق الاحترام والتقدير.

24/7/2014

المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد) الجمعية الإنسانية الدولية للتنمية بلا حدود