محاضرة في مخيمي برج البراجنة ونهر البارد تحت عنوان دور المجتمع المحلي في الدفاع عن حق العودة

بدعوة من المنظمة الفلسطيية لحق العودة (ثابت) قدم الاستاذ محمود الحنفي محاضرتين في مخيمي برج البراجنة في بيروت (8-2-2007) ونهر البارد في الشمال (17-2-2007) وقد ام القاعات العديد من ممثلي الفصائل والجمعيات ومهتمين. وهذا نص المحاضرة.
 
 

 

محاضرة مخيم نهر البارد

 

دور المجتمع المحلي في الدفاع  عن حق العودة

الجزء الاول: اهمية حق العودة.
1. هو جوهر القضية الفلسطينية وهو روحها وهو ووجه عدالتها.   اعتبر الكونت برنادوت الذي كان وسيطا للامم المتحدة في فلسطين في العام 1948، ان حق العودة  هو العلاج الاكثر ملاءمة لاصلاح ما حدث من طرد جماعي للفلسطينيين وانتهاك  هائل لحقوقهم الانسانية الجوهرية. فقد اكد في تقريره الذي رفعه الى الامم المتحدة في شهر ايلول 1948 ان خروج العرب الفلسطينيين من من بلادهم جاء نتيجة الذعر الذي سببه القتال في مواقعهم، والاشاعات  حول الافعال الارهابية. واختتم تقريره بعبارة واضحة وذات مغزى، ستكون هناك اساءة لمبادئ العدالة الانسانية اذا انكر على هؤلاء الضحايا الابرياء في الصراع حق العودة الى بيوتهم.
2. هو الحق الذي يدور حول الانسان الفلسطيني. ( القانون وجد ليقدم خدمة للانسان، وليس العكس، والقانون ينشء الحق او يعززه ويؤكده، وحق العودة هنا مؤكد ومعزز في مختلف القوانين)
3. هو هو الحق الذي لا نقاش في قانونيته ومشروعيته.
4. هو الحق الذي شغلت اسرائيل نفسها كثيرا لاسقاطه. ( اكثر من 40 مشروع اسرائيلي واميركي ودولي وحتى عربي لاسقاط حق العودة... كلها باءت بالفشل لغاية الان).
5. هو الحق الذي حرصت اسرائيل على التفاوض عليه بغية الانقضاض عليه نهائيا. ( صحيفة الجيروزاليم في تاريخ 24-12-2000 اي عشية انتفاضة الاقصى المباركة اعلنت في افتتاحيتها ان عودة ملايين اللاجئين الفلسطينيين تعني نهاية الدولة اليهودية، وانه من الافضل لاسرائيل تدمير الشعب الفلسطيني على العيش مع الخوف الدفين من فكرة قيام الفلسطينيين بتدمير اسرائيل في المستقبل).

 الجزء الثاني: تعريف المجتمع المحلي:
المجتمع المحلي هو حزء من المجتمع الاجمالي، وهو الادارة المجتمعية الصغيرة لمجموعة من الناس في بيئة جغرافية وتاريخية وسياسية معروفة الحدود، واضحة المعالم. والمجتمع المحلي عبارة عن عين المجتمع الكلي. اذا هو الصورة الواضحة وهو السلطة الفعلية الحاكمة وهو شكل من اشكال الرقي والتقدم والوعي والتفاهم لدى افراد هذا المجتمع. وهو محلي لانه يتعاطي بشكل مباشر مع مكونات هذا المجتمع.  وهو في شكله الاداري جزء من جمعيات المجتمع المدني،او المنظمات غير الحكومية.

أ‌. مكونات المجتمع المحلي:
1. الراوابط العائلية.
2. النوادي الثقافية والرياضية.
3. هو الرواط الطلابية.
4. اندية كشفية
5. هو الجمعيات الخدماتية والاغاثية والتنموية
6. هو اللجان الشعبية المنتخبة.
7. هو لجاء الاحياء.
8. هو المنتديات الشبابية ....
9. هو كل شكل من اشكال تقديم المساعدة لمكونات هذا المجتمع.
اما المجتمع المقصود هنا فهو المخيمات.

ب‌. ميزات المخيمات وبماذا تختلف عن المدن والقرى:

1. المخيمات الفلسطينية عبارة عن تجمعات سكنية مكتظة بالسكان والبنيان.
2. المخيمات الفلسطينية عبارة عن بيئة اجتماعية متفاعلة جدا.
3. المخيمات الفلسطينية عبارة عن سكان من قرى فلسطينية جمعتهم ظروف اللجوء ووحدهم الهم الواحد ولم شملهم المؤقت حدود المخيم الثابتة.
4. تتميز المخيمات الفلسطينية بلونها الديني الواحد، سواء المسلم منه او المسيحي.


حق العودة والمجتمع المحلي:

1) مقدمة:
انطلقت الثورة الفلسطينية عام 1965 وهدفها الاول هو عودة اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم وممتلكاتهم التي اخرجوا منها عام 1948. لم تكن هناك اراض محتلة عام 1967.  وتدفقت جموع الشباب الفلسطيني في صفوف الثورة الفلسطينية وعينها على فلسطين. وبمعنى اوضح كان خزان الوقود للثورة الفلسطينية هم ابناء المخيمات قاطبة. لان الثورة الفلسطينية حملت نفسها مسؤولية عودة هؤلاء.  ولقد سادت ثقافة العودة بشكل كبير في اوساط اللاجئين الفلسطينيين، وتجسد ذلك بشكل عملي، من خلال سقوط عشرات بل مئات بل الاف الفلسطينيين وفي احلامهم عودة كريمة.
دمرت مخيمات بأكملها ( مخيم النبطية) وارتكبت جرائم ابادة ( مخيم شاتيلا) وهجر وقتل اخرون (مخيم تل الزعتر) واحرقت اخرى وروع اهلها وقتل ابناؤها ( مخيمات صور)...  عندها بات يدرك اللاجئ الفلسطيني بأن قضيته هي المستهدفة، وكل هذه الجرائم المتنقلة هي احدى اشكال اسقاط حق العودة والقضاء على قضية اللاجئين الفلسطينيين.

كل هذه المحاولات المباشرة لم تفلح في الغاء قضية اللاجئين الفلسطينيين.  عندها ادرك اعداء اللاجئين انه لا بد من سبل اخرى. وهنا مكمن الخطورة الكبيرة. ابتدأت هذه المحاولات من المفاوضات السرية والعلنية وبلغت ذروتها في توقيع اتفاق اوسلو بين م. ت. ف وبين اسرائيل ولم تأت الاتفاقية على حق العودة اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم ابدا. بل تركت امرهم الى مرحلة الحل النهائي. ومع انشاء السلطة الوطنية الفلسطينية وانشغال العالم بهذه السلطة الوليدة، او الدويلة القادمة، ومع اغلاق معظم مؤسسات م. ت. ف في لبنان، ادرك الفلسطينيون في لبنان ان ظهرهم اصبح مكشوفا، وان حقهم في العودة اصبح مهددا فعلا لا قولا. عند هذا المعطى الخطير وهذا المنعطف الكبير في القضية الفلسطينية وخصوصا في لبنان، بات على المجتمع المحلي عبئا كبيرا في تفعيل حق العودة والمحافظة على الثوابت، وهي مهمة صعبة للغاية.
صعبة لان الظروف الانسانية لمجتمع اللاجئين في المخيمات بالغة الصعوبة ( بطالة، تراجع في خدمات الانروا، اكتظاظ سكاني وبنياني رهيب، قوانين ظالمة تصدر الواحدة تلو الاخرى، نظرة امنية لمجتمع اللاجئين...) ثم هي صعبة اكثر لان الغطاء السياسي لهذه الفئة المستضعفة بات مكشوفا. ولم تعد م. ت. ف تولي هؤلاء اهمية تذكر، على اعتبار ان الهم والشغل الشاغل انتقل الى اراضي السلطة الوطنية الفلسطينية.

2) المجتمع المحلي والدور المطلوب:

يلعب المجتمع المحلي دورا كبيرا في المحافظة على  حق العودة بل وتعزيزه بين افراد اللاجئين الفلسطينيين، وهي مهمة ليست سهلة بطيبعة الحال.  وهناك عدة معوقات تحول دون تحقيق هذه الغاية منها ما هو سياسي، ومنها ما هو قانوني ومنها ما هو  اقتصادي واجتماعي وهوالاخطر.

 العائق السياسي: ويتمثل في الظروف السياسية والامنية المحيطة بالقضية الفلسطينية بشكل عام، من العراق، الى الحرب الاسرائيلية على لبنان، الى الحرب الدائرة على الفلسطينيين في الاراضي المحتلة، الى التقاعس الدولي وغير ذلك. هذه العوائق السياسية ليست وليدة اليوم او السنة بل هي قديمة قدم قضية اللاجئين الفلسطينيين. وهي وعلى اهميتها يمكن التعامل معها بكل عناد وقوة لان وجهها مكشوف واهدافها واضحة .
 العائق الاقتصادي والاجتماعي والمرجعية: وهو يتمثل بالمعاناة الرهيبة التي يعانيها الفلسطينييون في لبنان، جراء سلسلة طويلة من الظلم المباشر او غيرالمباشر عبر القوانين الجائرة.  ولعل اخطر من ذلك كله توجيه هذه المعاناة باتجاه القضاء على قضية الفلسطينيين: العودة ، والاخطر من كل ذلك ان  يكون الدور اللبناني مقصود. العائق الاقتصادي والاجتماعي يعتبر من اخطر العوائق التي تهدد حق العودة. وابرز المؤشرات على ذلك:
o انخفاض عدد اللاجئين الفلسطينيين الى النصف تقريبا، وحسب تقديرات المجتمع المحلي لعدد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، فهو في اقصى حالاته لا يتجاوز 280000 من اصل 430000 نسمة معلنة عبر سجلات الانروا او من فاقدي الهوية او غيرالمسجلين. هذا الانخفاض مرده اما الحرب الاهلية التي طالت بشرورها سكان المخيمات، او الهجرة الكبيرة الى دول غربية بسبب الظروف البائسة التي يعيشها الفلسطينيون.
o تراجع في المستوى التعليمي في الوسط الفلسطيني فنسبة الطلاب الناجحين  في صفوف البريفيه  في مدارس الانروا لم تزد عن 54%. والتسرب المدرسي في الصفوف الابتدائية في ازدياد حيث بلغ في اخر دراسة اجرتها شاهد حوالي 14%. ثم عزوف العديد من الطلاب عن متابعة مشوارهم الجامعي بسبب الظروف الاقتصادية. والاخطر من ذلك هو تراجع المكانة العلمية لدى الفلسطينيين.
o  جنوح العديد من اللاجئين الفلسطينيين الى القبول بأي حل يخفف عنهم الظلم الواقع عليهم. او قل ان شئت تراجع قوة المناعة لديهم.
o عدم وجود مرجعية قوية ترعى شؤون الفلسطينيين وتعالج مشاكلهم الحياتية وتعزز صمودهم، كل ذلك يهدد حق العودة ويجعله يتآكل مع مرور الايام. فهم الان من دون مرجعية قوية تمثل كل اللاجئين او معظهمم، وهم الان في مخاض سياسي صعب تمثل ببروز حركة حماس كحركة اسلامية منافسة وتسعى لقيادة الشعب الفلسطيني عبر الانتخابات ورفض القوى الاخرى لهذا البروز او التعامل معه.

3) الصفات الاساسية الواجب توفرها في مكونات المجتمع المحلي:
1) وضوح الهدف المتمثل في تعزيز حق العودة والتصدي لمحاولات اسقاطه.
2) الانفتاح والتفاعل والايجابية مع كل مكونات المجتمع المحلي.
3) قبول الرأي الاخر وتبادل الافكار.
4) التشبيك والتنسيق وعدم مضاعفة الجهد .
5) الصدق والشفافية والتنظيم الممتاز والارادة الجبارة في متابعة الطريق.


4)  ابرز مكونات المجتمع المحلي والدور المطلوب:

 اولا: روابط المعلمين:
1. امتلاك المعلمين الثقافة العالية المتعلقة بحق العودة.
2. امتلاك المعلمين الدور الحقيقي للمعلم من خلال كونه معلما ومربيا وشريكا في العملية الوطنية التي تهتم بحق العودة.
3. اقامة دورات متخصصة للمعلمين عن حق العودة بكل تفاصيلها.
4. ان تشمل الحصص وخصوصا الاجتماعية والتاريخية بابا خاصا بحق العودة.
5. ان يحرص المعلم على ايصال فكرة التمسك بالارض والمقدسات في كل مناسبة.
6. احياء المناسبات الوطنية المتعلقة بفلسطين عموما  وحق العودة خصوصا.
7. تشكيل حلقات دراسية وورش عمل تجمع الطلاب والمعلمين وكبار السن ومثقفين على حد سواء لتجاذب اطراف الحديث المتعلق بحق العودة.


ثانيا: الروابط الطلابية:
1. اقامة محاضرات دورية عن حق العودة وابراز التحديات التي تواجهه.
2. توزيع بوسترات صغيرة ولوحات وادوات فنية خاصة بحق العودة لتعزيز حق العودة فكرة وبرنامجا وسلوكا.
3. تشكيل لجان طلابية في  المخيمات يقتصر عملها على تفعيل التمسك بحق العودة. او ان يكون من ضمن لجان الطلاب بندا خاصا بحق العودة.
4. اقامة مسابقات طلابية من رسوم ومقالات واعمال فنية اخرى تتعلق بحق العودة.
5. اقامة حلقات تجمع كبار السن وصغارهم ذكورهم واناثهم للحديث عن حق العودة واشاعة اجواء التفاؤل بعودة اللاجئين الفلسطينيين.
6. تبني الطلاب الجامعيين الدارسين للدراسات العليا في مجال القانون الدولي العام وخصوصا تلك المتعلقة بحق العودة والقضية الفلسطينيية عموما.
7. المساهمة في التخفيف عن كاهل الطلاب الفلسطينيين في المخيمات ودفعهم اللتمسك بالمدارس والتعلم مما يخدم في التحليل الاول والاخير حق العودة.

ثالثا: الروابط والنوادي الكشفية:
1. تشكيل فرق كشفية تحمل اسم مدن وقرى فلسطينية لتعزيز مفهوم التمسك بحق العودة.
2. اقامة العروض الكشفية النابعة من حق العودة، كحملات التنظيف، والتشجير، ومعالجة حالات مرضية ، كل ذلك تحت عناوين تتعلق بحق العودة.
3. شمول المخيمات الصيفية التي تقيمها مؤسسة الكشاف فقرات خاصة بحق العودة من قبيل القانون الدولي والتاريخ الفلسطيني،... وان ان يحمل اسم المخيم الصيفي اسم قرية او مدينة او اسما اخر يعكس التمسك بحق العودة.
4. تسمية اسماء الاحياء اسماءا افتراضية من مدن وقرى فلسطين المحتلة.
5.  التوعية الكشفية للجيل الناشئ ترتكز على التمسك بالقيم الوطنية لا سيما المتعلقة بفلسطين التاريخية.، وذلك من خلال تسمية الافواج والمفوضيات بأسماء تتعلق بحق العودة.

رابعا: النوادي الرياضية:
1. تسمية النوادي بأسماء مدن فلسطينية.
2. اقامة الدورات الرياضية تحت اسماء المدن والقرى الفلسطينية.
3. اقامة النشاطات الرياضية تحت مسميات فلسطينية تتعلق بحق العودة.
4. اقامة المحاضرات للاعبين حول حق العودة. وهو ما يعزز ثقافة حق العودة لدي الجيل الشاب والقوي.

خامسا: المؤسسات والجمعيات الحقوقية:
1. اصدار دليل حقوق اللاجئين الفلسطينين في لبنان والذي يشمل حتما حقا العودة.
2. اظهار الوجه الايجابي للاجئين الفلسطينيين خاصة فيما يتعلق بحق العودة على عكس منظمات اخرى تشوه هذه الحالة امام الرأي العام الدولي.
3. اقامة محاضرات قانونية حول حق العودة  وذلك في المناسبات المختلفة، وان تكون دورية وتضم كل المخيمات والمدن اللبنانية.
4. اقامة علاقات قوية مع مؤسسات دولية تعكس امامها الحقيقة الماثلة حول تمسك الفلسطينيين بحق العودة.
5. اقامة الدراسات واستطلاعات الرأي التي تعكس بالحقائق والارقام مدى تمسك اللاجئين الفلسطينيين بحق العودة.
6. التأكيد على تمتع اللاجئين الفلسطينيين بحقوقهم الانسانية يعزز ويدعم حق العودة وهو ما يناقض تماما الجدلية الفارغة التي تسوقها الجهات المختلفة على أن  حرمان الفلسطينيين من حقوقهم يعزز حق العودة.
7. التشبيك مع مؤسسات رديفة لتعزيز حق العودة خصوصا في المحافل الخاصة.
8. تفعيل موقع الانترنت وشموله على باب يتعلق بحق العودة كحق من حقوق الانسان

سادسا: الاندية والهيئات الثقافية:
1. اقامة مهرجانات انشادية حول حق العودة.
2. طباعة كنزات ومواد اعلامية اخرى حول حق العودة.
3. توثيق الذاكرة الفلسطينية المتعلقة بحق العودة واصدار كتاب فيها.
4. اقامة المسرحيات والاعمال الفلوكلورية النابعة من تاريخنا الفلسطنيي.
5. اصدار اشرطة الاناشيد الوطنية وافلام الفيديو الخاصة بحق العودة.
6. استكتاب فلسطينين ولبنانيين وعرب حول حق العودة.
7. اقامة المؤتمرات المحلية في المخيمات والمناطق للتأكيد على حق العودة.
8. اقامة معرض خاص بالتراث الفلسطيني يؤكد مدى التمسك بحق العودة.

سابعا: الروابط العائلية:
1) توثيق الذاكرة التارخية المتعلقة بالقرية اوالمدينة.
2) التنسيق والتشبيك بين الروابط العائلية.
3) تغليب الوطن على العائلة والمجتمع على الفرد.