رسالة الى مدير مخابرات الجيش اللبناني في شمال لبنان

سيادة العميد عامر الحسن،
مدير مخابرات الجيش اللبناني في شمال لبنان
تحية طيبة وبعد،
 
عطفاً على اللقاء مع سيادة قائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي بتاريخ 7/4/2011 في مكتبه في اليرزه، والذي تضمن طرحاً إيجابياً جداً تفضّل به سيادته، وعطفاً على اللقاء الذي كان مع سيادتكم بتاريخ 15/4/2011 في مكتبكم في ثكنة القبة بطرابلس. وبناءّ على ما تمّ نقاشه معكم في قضايا متعددة لها علاقة بالقضايا الإنسانية لمخيم نهر البارد، فإننا نود التأكيد على ما يلي:
 
أولا: إن الحوار الفعّـال والجـادّ أمر مثمر فهو يقصّر المسافات، ويبني الثقة، ويزيل الالتباسات. وهو يؤسّس لعلاقة متينة لا تتأثر بأي مؤثرات لا محلية ولا دولية. وهو يشير إلى صداقة وأخوّة، ويساهم في معالجة الأخطاء أي كان مصدرها.
 
ثانيا: هناك معطيات هامة برزت مؤخراً منها السماح للإخوة اللبنانيين بالدخول إلى مخيم نهر البارد ابتداءً من الأول من أيار من دون قيود كبيرة، الأمر الذي سوف يترك آثارا إيجابية لدى سكان المخيم، لجهة التواصل الإجتماعي وبناء جسور الثقة والمحبة بين سكان المخيم والجوار اللبناني، وسوف يسهم أيضا بتحريك عجلة الاقتصاد داخل المخيم. إنها خطوة في الاتجاه الصحيح، وهي خطوة تستحقّ التنويه، على أمل أن تُستتبع بخطوات أخرى.
 
ثالثا: لقد كان اللقاء صريحاً وشفافاً وأجاب عن الكثير من الأسئلة التي لطالما كنا نبحث عن إجابات عنها. وسوف نبحث مع الأونروا بشكل جدي وسريع ما أثير معكم خلال اللقاء على أن تتحمل كل الجهات مسؤولياتها.
 
رابعاً: بالنسبة لنظام التصاريح، فقد بحثنا الموضوع من مختلف جوانبه القانونية والإنسانية وحتى العملية، وخلصنا إلى ما يلي:
 
من الناحية القانونية فإن إعلان حالة طوارئ أو منطقة عسكرية أمر تعمل به معظم دول العالم، لكن وفق ضوابط قانونية دولية ودستورية محلية. أهم هذه الضوابط هو أن تجري وفق آليات دستورية تحدّث عنها الدستور اللبناني وشرحتها المراسيم الاشتراعية اللاحقة. ومنها أيضا أن تكون محدودة بمكانها وزمانها، ولا تضر بحقوق الإنسان الأخرى. ولبنان ألزم نفسه في مقدمة دستوره باحترام القوانين الدولية ذات الصلة.
  • إن الهواجس الأمنية التي تثيرها قيادة الجيش واضحة. كما أن المطالب التي يثيرها سكان المخيم هي أيضا واضحة وهي ترتبط بجوهر حقوق الإنسان ومبادئه العامة.
  • إن المقاربة بين الهواجس الأمنية والمطالب الإنسانية أمر ضروري وملحّ، وعند الترجيح، فإنه غالباً ما تُرجّــح المطالب الإنسانية العامة على الهواجس الأمنية. كما أن اتفاقيات جنيف الأربعة لعام1949 وخصوصاً الرابعة منها، وكذلك ملحقاتها، تهتم بهذه القضية اهتماماً خاصاً. إن الجيش اللبناني له الصلاحية في ملاحقة المخلّين بالأمن والنظام العام، وفق ما يرسمه له مجلس الوزراء اللبناني.
  • إن مخيم نهر البارد هو واحد من اثني عشر مخيماً منتشرة على أراضي الجمهورية اللبنانية، ويقوم الجيش اللبناني باتخاذ إجراءات أمنية تختلف باختلاف المخيم وباختلاف الظروف. ولا يخضع سكانها لنظام التصاريح.
  1. فهي في مخيمات صور (الرشيدية، البص، والبرج الشمالي) شبه عادية ترتفع وتيرتها حسب الظروف.
  2. أما في مخيم عين الحلوة فإن الوضع عادي أيضاً، وعند أي توتر أمني يتخذ الجيش اللبناني إجراءات أمنية استثنائية، الأمر شبيه في مخيم المية ومية.
  3. وفي مخيم البداوي فإن إجراءات الجيش اللبناني حول المخيم عادية جداً.
  4. وفي مخيمات بيروت الأربعة (برج البراجنة، شاتيلا، مار الياس وضبية) فإن الوضع شبيه بأي منطقة لبنانية أخرى.
  5. الأمر يسري أيضا على مخيم الجليل في بعلبك.

ولا يُخضع الجيش اللبناني سكان المخيمات لنظام التصاريح، بأي نوع كان، باستثناء مخيم نهر البارد (يوجد لدى مخيم عين الحلوة عدد كبير من المطلوبين يقدر عددهم بالمئات بين جنحة ومخالفة وجناية).

  • إن الأسباب التي دفعت الجيش اللبناني لاتخاذ إجراءات أمنية منذ الاعتداء على عناصر الجيش في 20/5/2007، زالت في معظمها. ومن الملاحظ أن الأمن والاستقرار قد استتب. إن إعادة الأمور إلى الحياة المدنية وإنهاء الحالة العسكرية أمر ملح وضروري، تفرضه وقائع التاريخ والجغرافيا. وهو يحقق مصالح متبادلة للجميع.
إن الحل الأمثل هو إلغاء نظام التصاريح، أو إصدار بطاقات الكترونية ممغنطة لكافة الفلسطينيين المسجلين في لبنان، وهو أمر دونه عقبات عديدة؛ مالية وسياسية وإدارية، وقد يستغرق وقتاً طويلا جداً.
إن إعمال قواعد حقوق الإنسان قائم على ركنين أساسين الأول هو التزام قانوني محلي ودولي، والثاني هو تحقيق المصالح. وإن تحقيق الأمن الإنساني بمعناه الواسع يوفر جهداً كبيراً على الجميع.
 
بانتظار ردكم الكريم، اقبلوا منا فائق الاحترام والتقدير.
بيروت في 3/5/2011
مدير (شاهد) محمود الحنفي