دراسة ميدانية شاملة لأوضاع المنازل غير الصالحة للسكن في مخيم برج الشمالي في صور

دراسة ميدانية شاملة لأوضاع المنازل غير الصالحة للسكن في مخيم برج الشمالي في صور
ملخص تنفيذي
 
 أجرت المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد) مسحاً ميدانياً شاملاً لأوضاع المنازل غير الصالحة للسكن في مخيم برج الشمالي للاجئين في منطقة صور اللبنانية على مدى خمسة أيام بين يومي 5-9/ أيار (مايو) 2006، وذلك بقصد الاطلاع بشكل تفصيلي على قضية المنازل غير الصالحة للسكن وما يترتب عليها في حياة وواقع اللاجئين المقيمين فيها، وقد حرصت المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد)، وهي مؤسسة حقوقية مقرها بيروت تُعنى بأوضاع اللاجئ الفلسطيني في لبنان، حرصت على إنجاز هذا المسح بأعلى شكل ممكن من الدقة والموضوعية.
 
 تعد مشكلة المنازل غير الصالحة للسكن من الأزمات الحياتية الأساسية للاجئين الفلسطينيين المقيمين في المخيمات الجنوبية في لبنان، وتتخذ هذه الأزمة أسوأ أشكالها في مخيم برج الشمالي للاجئين الواقع على مسافة 5 كم إلى الشرق من مدينة صور الجنوبية والذي تكررت مطالبات سكانه بحل هذه الأزمة الملحة، وتجلت خطورة الأزمة في يوم 3/6/2005م حين انهار أحد منازل المخيم بشكل جزئي وكاد يقتل سكانه التسعة هم عائلة اللاجئ حسن كمال ذيب.
 
 أُنجزت هذه الدراسة من خلال المسح الميداني الشامل لكل منازل مخيم برج الشمالي، وكان التعرف إلى المنازل غير الصالحة للسكن يتم من خلال تقييم السكان أنفسهم لمنازلهم، ومن خلال معايير اعتمدها فريق البحث الميداني مثل استخدام ألواح الزينكو في البناء أو السقف، والرطوبة العالية في المنزل وعدم وصول أشعة الشمس إليه، كما تم الاستئناس بما وفرته الدراسات السابقة في هذا المجال. شارك في عملية المسح 6 باحثين توزعوا على 3 فرق كل فريق مكون من شخصين، وأُخذت المعلومات عن المنازل من خلال المقابلة المباشرة مع سكانها.
 
 تأسس مخيم برج الشمالي عام 1955 كمخيم "نموذجي" نقل إليه اللاجئون من التجمعات المؤقتة التي أقاموها في عدد من المناطق الجنوبية في لبنان، ورغم تضاعف عدد سكانه عدة مرات منذ تأسيسه ليصلوا اليوم إلى حوالي 18,659 بحسب سجلات الأونروا، فإن مساحة المخيم البالغة 134,600 متراً مربعاً ظلت ثابتة لم تتغير منذ تأسيسه، وهو ما يعني أن كثافة السكان في هذا المخيم تبلغ اليوم 13.9 أشخاص في كل 100 متر مربع من المخيم، أي أن مقياس كثافة السكان لكل 1 كم2 في المخيم يبلغ 139,000 لكل كم2، وهو ما يجعله منطقة شديدة الاكتظاظ بكل المقاييس.
 
المعلومات الشخصية الأساسية لأصحاب المنازل الآيلة للسقوط:
 
تقول نتيجة المسح إن عدد المنازل غير الصالحة للسكن في المخيم بلغ 233 منزلاً من أصل 4,316 هي عدد المباني الموجودة في المخيم بحسب سجلات الأونروا، أي أن ما لا يصلح للسكن من منازل يشكل 5.4% من عدد المباني. يسكن هذه المنازل حوالي 1,178 شخصـاً، بمعـدل 5 أشخاص تقريباً في المسكن الواحد، وهو ما يعني أن 6.3% تقريباً من سكان المخيم يعيشون في منازل غير صالحة للسكن. 51.5% من الأسر التي تسكن هذه المنازل هي من الأسر المتوسطة الحجم، تليها الأسر الصغيرة مشكلة 31.3% فيما شكلت الأسر الكبيرة 17.2% من الحالات، وكانت أصغر أسرة سكنت هذه المنازل تتألف من فرد واحد، فيما تألفت أكبر أسرة من 12 فرداً، والجدول التالي يفصل حجم الأسر التي تسكن هذه المنازل:
 
حجم الأسرة
عدد المنازل
عدد السكان
أسرة صغيرة (1-3 أفراد)
73
145
أسرة متوسطة (4-7 أفراد)
120
671
أسرة كبيرة (8 أفراد فأكثر)
40
362
المجموع
233
1178
عند سؤال الأسر التي تسكن هذه المنازل عن مستوى دخلها، كانت الإجابات كالتالي:
 
الدخل الشهري        

العدد     

النسبة%        
جيد

2

0.9 %

لا يوجد معلومات

6

2.6 %

ما دون الحاجة

210

90.1 %

متوسط

15

6.4 %

المجموع

233

100%

 
هذا الجدول يخبرنا بوضوح أن الأسر التي تقطن المنازل غير الصالحة للسكن ليست في حالة مادية تؤهلها لإصلاحها أو حتى للانتقال منها، وهو ما يجعل حل مشكلتهم يستدعي تدخّل أطراف أخرى.
 
أصحاب هذه المنازل عملوا كعمال مياومة في 55.4% من الحالات، وفي حرف يدوية كالحدادة والخياطة في 5.6% من الحالات، وكانوا عاطلين عن العمل في 2.6% من الحالات. فقط في 1.7% من الحالات امتلك أصحاب المنازل وسائل رزقهم، وفي 0.9% من الحالات عملوا كموظفين إداريين، فيما لم تتوفر معلومات عن 32.6% من الحالات.
منزل تزوره الثعابن باستمرار مهددة حياة أفراد العائلة بالخطر
 
الغالبية العظمى للمنازل غير الصالحة للسكن يقطنها أصحابها على مدار العام، وهو ما يعني أننا هنا لا نتحدث عن ملكيات فحسب، بل عن ملكيات مأهولة لا يملك أصحابها أي بديلٍ لها، ففي 222 حالة، أي في 95.3% من الحالات كان المخيم هو مكان الإقامة الدائم، فيما كانت 7 من الحالات فقط تملك عناوين أخرى كانت في معظمها خارج لبنان، ولم تتوفر معلومات كافية عن 4 حالات.
 
 المنازل غير الصالحة للسكن وأوضاعها في مخيم برج الشمالي:
 
معظم المنازل غير الصالحة للسكن هي من الحجم الصغير، أي مؤلفة من غرفة واحدة أو غرفتين، والجدول التالي يفصل عدد الغرف في هذه المنازل:
 
عدد الغرف
عدد المنازل
1
57
2
131
3
37
4
3
5
1
7
1
لا يوجد معلومات
3
المجموع
233
 
هذا الجدول يشير إلى حقيقتين أساسيتين: الأولى أن هذه المنازل رغم عدم صلاحيتها للسكن هي شديدة الاكتظاظ، فنحن نتحدث عن أسر يبلغ متوسط حجمها 5 أفراد تقطن منازل مكونة من غرفة أو غرفتين إضافة إلى مطبخ وحمام، والثانية هي أن ترميم هذه المنازل أو إعادة بنائها هو ليس بالأمر المكلف على الإطلاق مقارنة بالمصلحة التي يحققها لأصحاب هذه المنازل.
 
في واقع الأمر، مشكلة اكتظاظ هذه المنازل ينبغي أن لا تمر دون تفصيل، فالجدول التالي يخبرنا أن معظم المنازل الكبيرة نسبياً، أي المكونة من 4 غرف فأكثر، تمتلكها أسر متوسطة أو صغيرة الحجم، فيما انحشرت 67.5% من الأسر كبيرة الحجم في منازل مكونة من غرفتين، وبدا أن تركز الأسر في منازل مكونة من غرفتين يتزايد مع تزايد حجـم الأسـرة، بدلاً من أن
الرطوبة، وما تسببه من أمراض جلدية وتنفسية هي السمة الغالبة لمنازل مخيم برج الشمالي
 
يستمر الاتجاه في تزايد عدد الغرف مع تزايد عدد أفراد الأسرة، وهو ما يجعل مشكلة اكتظاظ هذه المنازل مشكلة لا تقل إلحاحاً، فترميم هذه المنازل لن يحل الأزمة الحياتية لهذه الأسر ما لم يرافقه توسيع لهذه المنازل.  
 
حجم الأسرة
عدد الغرف
المجموع
1
2
3
4
5
7
لا يوجد معلومات
أسرة صغيرة (1-3 أفراد)
36
(49.3%)
25
(34.2%)
9
(12.3%)
1
(1.4%)
--
1
(1.4%)
1
(1.4%)
73
(100%)
أسرة متوسطة (4-7 أفراد)
17
(14.2%)
79
(65.8%)
20
(16.7%)
2
(1.7%)
 
 
2
(1.7%)
120
(100%)
أسرة كبيرة (8 أفراد فأكثر)
4
(10%)
27
(67.5%)
8
(20%)
 
1
(2.5%)
 
 
40
(100%)
المجموع
57
131
37
3
1
1
3
233
 
معظم المنازل غير الصالحة للسكن لا ينطبق عليها تعريف المنزل الدائم أصلاً، فبنيتها هي أقرب للمنزل المؤقت والمتنقل رغم أنها شهدت حياة 3 أجيال من السكان إلى اليوم، ومرشحة لأن تشهد مزيداً من الأجيال في ظل استمرار القضية الأم التي هي احتلال وطن هؤلاء اللاجئين، إذ أن 87.6% هذه المباني تعتمد بشكل كامل أو جزئي على ألواح الزينكو المعدنية كما يوضح الجدول التالي:
 

نوع البناء

العدد

أسقف وجدران من الزينكو

7

باطون

27

سقف زينكو

197

لا يوجد معلومات

2

المجموع

233

 
قِدم هذه البيوت عامل آخر في عدم صلاحيتها يضاف إلى اكتظاظها وإلى المواد المستخدمة في بنائها، فالواضح أن أكثر من نصف هذه المساكن بني قبل العام 1980 كما يوضح الجدول أدناه، أي قبل حوالي 26 سنة، وشهد عمليات الاعتداء والقصف المتكرر التي قامت بها القوات الإسرائيلية ضد المخيم خلال اجتياح العام 1982 وما بعده. زد على ذلك أن معظم المنازل الواقعة في الفئات الأقدم هي تلك التي تدخل ألواح الزينكو في بنائها، فـ33 منزل من أصل 35 بنيت قبل عام 1961 دخل الزينكو في بنائها، و40 من أصل 44 منزلاً بنيت بين 1961-1970 دخل الزينكو في بنائها، و40 من بين 44 بُنيت في الفترة 1971-1980 دخلت ألواح الزينكو في بنائها. بلغة أخرى يمكن القول أن 37.1% التي دخلت في بنائها ألواح الزينكو بين يدينا في هذه الدراسة يزيد عمرها عن 36 عاماً، وأن 20.3% أخرى منها يزيد عمرها عن 26 عاماً. ونحن إذا ما وضعنا أمامنا طريقة تعامل الدولة اللبنانية مع موضوع البناء في هذه المخيمات، اكتشفنا أننا أمام مبانٍ رديئة وغير صالحة منذ أن بنيت، ولم تمر عليها يد التأهيل منذ 16 على الأقل، إذ أن الجيش اللبناني يحاصر هذه المخيمات ويمنع دخول أي نوع من مواد البناء إليها إلا وفق تراخيص مسبقة وإجراءات معقدة تزيد وطأة الأزمة وصعوبتها.
 
منازل لا تحمي ساكنيها لا من حر الشمس ولا من برد الشتاء أو مطره
 
 
تاريخ البناء
عدد المنازل
النسبة من المجموع
1955-1960
35
15 %
1961-1970
44
18.9%
1971-1980
44
18.9%
1981-1990
90
38.6%
1991-2000
13
5.6%
2001 وما بعد
2
0.9%
لا يوجد معلومات
5
2.1%
المجموع
233
100%
 
أهم المشاكل التي وجدت في المنازل التي شملتها الدراسة كانت الرطوبة، النش (تجمع نقاط الماء في أجزاء من البناء)، الدلف (دخول المياه عبر السقف)، تشقق الجدران، سقوط قطع من السقف أو الجدران، الصدأ، عدم وصول إضاءة طبيعية كافية للمنزل، التهوية الضعيفة، إضافة إلى عدد آخر من المشاكل التي صُنفت في خانة "غير ذلك"، والشكل في الصفحة التالية يوضح هذه المشاكل ونسبة تكرارها. دراسة الشكل توضح أن أهم المشاكل التي تعانيها هذه المنازل بوجوه متعددة هي عزلها للمياه، ومشكلة صلابة وتماسك البناء، فيما تعد مشكلة عدم توفر الإنارة الكافية غير موجودة في المنازل قيد الدراسة، علماً أن 93 منزلاً من هذه المنازل تجتمع فيه مشكلتان على الأقل من مشاكل البناء هذه.
 
 
المشاكل الصحية الناتجة عن أوضاع المنازل غير الصالحة للسكن:
 
المشاكل في البناء يترتب عليها بالتأكيد آثار خطيرة على صحة الأفراد المقيمين في هذه المنازل، ليضاف بالتالي المرض المزمن إلى الفقر وعدم ملائمة المسكن نتيجة عدم قدرة سكان هذه المنازل على ترميمها بأنفسهم. أهم الأمراض التي حاولت هذه الدراسة رصدها لدى سكان هذه المنازل كانت الحساسية والربو وعدم انتظام ضغط الدم وضيق التنفس والأمراض الجلدية، إضافة إلى عدد آخر من الأمراض صنف في خانة "أمراض أخرى".
يزيد عمر هذا المنزل عن 26 عاماً، وليس بمقدور أصحابه ترميمه أو بناؤه من جديد
 
 
لقد كان واضحاً أن نسبة انتشار مختلف الأمراض المزمنة، خصوصاً تلك المتصلة بالجهاز التنفسي مرتفعة جداً، إذ أن 42.9% من المنازل وجد فيها من يحمل مرضاً مزمناً في الجهاز التنفسي، علماً أن ما يربو على 20 من هذه المنازل يوجد من بين سكانها أكثر من إصابة بمرض مزمنة على الأقل.
 
تعامل الأونروا مع الأزمة وآراء السكان تجاهه:
 
وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) هي الجهة المسؤولة بشكلٍ أساس عن هذا الملف، وقد تقدم لها عدد من أصحاب هذه المنازل بطلبات لدراسة حال منازلهم والنظر في تأهيلها أو إعادة بنائها، وأجرت الأونروا مسحاً شاملاً لهذه المنازل بدأ في شهر آب (أغسطس) 2003 واستمر خلال العام 2004 لتشخيص حالات المنازل تمهيداً للبدء في تأهيل 135 منزلاً فقط في مخيمات منطقة صور بكاملها، وذلك ضمن مشروع مولته البعثة الأوروبية للخدمات الإنسانية (ECHO)، لكن شيئاً لم يحصل على المستوى العملي رغم تصاعد الإلحاح بعد حادثة الانهيار الجزئي لأحد المنازل في 3/6/2005.
(طالب فلسطيني يستعد لإمتحانات الجامعة رغم الظروف السكنية غير اللائقة)
 
مع نهاية شهر أيار (مايو) 2006، ومع تصاعد الضغط على الأونروا للشروع في تنفيذ المشروع خصوصاً أنه حصل على التأهيل اللازم، عاد النشاط للإجراءات التحضيرية له، وعُقد في 5/6/2006 لقاء بين قسم الشؤون الاجتماعية في الأونروا واللجنة الشعبية في مخيم برج الشمالي، وطرحت فيه الأونروا آليات تنفيذ المشروع وشروط الإعمار وإعادة التأهيل، وتقضي هذه الشروط أن يكون صاحب العقار فلسطينياً، مسجلاً، مالكاً للمسكن الذي يقيم فيه، ومصنفاً ضمن حالات العسر الشديد، ولا يملك مسكناً آخر للإقامة فيه، ووضعت نظام درجات لدراسة الحالات على أساسه واختيار المنازل الأكثر استحقاقاً.
 
 أما الآليات فقضت بأن الأونروا ترمم أو تعيد إعمار البيت على نفس حجمه وشكله السابق، محددة عدد الغرف بحسب عدد أفراد الأسرة، بشرط أنها لا تضيف غرفاً إلى المنزل إن كان المنزل الأصلي أصغر مما حددته بالنسبة لعدد السكان، لكنها ستترك الغرف الإضافية دون ترميم إن كان عدد أفراد الأسرة دون المعدل الذي حددته. بلغة أخرى، إن سكنت أسرة من 10 أفراد في غرفة ومطبخ وحمام، فإن الأونروا ستعيد تأهيل المنزل ليعود بغرفة ومطبخ وحمام، وإن سكنت أسرة من 5 أفراد في 3 غرف ومطبخ وحمام فإن الأونروا ستعيد تأهيل غرفتين فقط إضافة للمطبخ والحمام، وتترك إحدى الغرف دون تأهيل!
 
 
هذه الآليات المجحفة أضافت إلى سخط الأهالي الحاصل أصلاً بسبب عدم تغطية المشروع لكل المتضررين، إذ أنه سيغطي 135 منزلاً في كل المنطقة التي تضم 3 مخيمات، في حين يوجد في مخيم برج الشمالي وحده 233 منزلاً لا يصلح للسكن، وعليه أصدرت اللجنة الشعبية للمخيم في 7/6/2006 بياناً رفضت فيه تمرير المشروع وفق هذه الآليات كما رفضت المعايير التي تم المسح الأولي تبعاً لها، ونددت بتلويح الأونروا بنقل المشروع إلى مكان آخر في حال عدم الموافقة عليه كما هو.
 
وسط كل هذا التجاذب بدا انعدام الثقة في جدية الأونروا في حل هذه الأزمة واضحاً لدى سكان هذه المنازل، فرغم أن 211 من أصل 233 تقدموا للأونروا بطلبات بناء، فإن 187 منهم قالوا إن نتيجة تقديم الطلب كانت سلبية، فيما قال 140 منهم إنه "لا جدوى من الطلب".
الأنروا تعرف أوضاع المنازل جيداً، لكنها تعد دائماً بالبناء
 
  توصيات:
 
 إننا في المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد) نعتبر أزمة المساكن غير الصحية أزمة ملحة وعاجلة ولا تحتمل التسويف تحت أي حجة أو ظرف، ولا تحتمل التلاعب أو المحاباة لأنها تمس صلب حياة أصحابها وتكاد تكون الحمل الأثقل على ظهورهم في حياة الشتات. كما أننا نعتبر أن تنفيذ إعادة الإعمار لكل المستحقين هو أمر ضروري وعاجل، ويجب أن تعمل الأونروا والجهات المعنية بكل جهدها لتأمينه، وأن لا تركن لتوفر تمويلٍ يغطيه بشكلٍ جزئي. اذا كان مخيم برج الشمالي يتصدر المعاناة بهذا الخصوص لجهة عدم التمتع بمسكن لائق، فإن باقي المخيمات ليست بأحسن حالا. ويمكن اعتبار مخيم برج الشمالي عينة يمكن تعميمها على باقي المخيمات.
 
 إننا نعتقد أن الآليات التي وضعتها الأونروا لتنفيذ المشروع هي آليات مجحفة ولاإنسانية، فمن غير المعقول بعد انتظار دام عشرات السنين أن تجد عائلة من عشرة أفراد نفسها محشورة من جديد في منزلٍ من غرفة واحدة ومطبخ لكن بسقف جديد وطلاء جديد، لأن أزمة الاكتظاظ لا تقل إلحاحاً بالنسبة لمثل هذه العائلة عن أزمة عدم صلاحية البناء. لا بد لمن يضع المعايير والآليات أن يعي تماماً أن هذه الفرصة المنتظرة تكاد تكون الوحيدة لحل أزمة المستفيدين منها، وهي في الغالب، بل نكاد نقول بالتأكيد لن تتكرر لمن سيشملهم هذا المشروع، وعليه فمن غير المعقول أن تُحمل الأونروا هذه الأسر نصف مأساتها لتأخذها معها إلى منزلها الجديد وتعيش فيها إلى أجلٍ غير مسمى.
 
 ختاماً نقول إنه من الواجب على الأونروا أن تتحمل واجباتها تجاه اللاجئين الفلسطينيين بتأمين المشاريع اللازمة والسعي لتوفير تمويلها بشتى الطرق، وأن تضع الوسائل والآليات التي تسرع بتنفيذها نظراً لإلحاحها وحيويتها بالنسبة للمستفيدين منها، وأن عليها أن تعيد النظر في الآليات التي وضعتها في تنفيذ مشروع الإعمار، والتي أقل ما يقال فيها أنها لاإنسانية. في الوقت ذاته ندعو الدولة اللبنانية للنظر إلى اللاجئين الفلسطينيين فيها كبشر لهم حقوق إنسانية طبيعية، والسماح لهم بالتالي بممارسة مقتضيات هذه الحقوق ومن بينها الحق في تأمين المسكن الملائم وفي التملك، اي العمل على توسيع مساحة المخيمات لكي تتناسب مع الزيادة السكانية . أخيراً ندعو اللجنة الشعبية للمخيم إلى التفاعل بشكل اكبر مع المتضررين والتنسيق مع مختلف الفعاليات ومواصلة مراقبة طريقة تنفيذ المشروع حتى تتأكد من أنه يصل إلى المستحقين الأكثر حاجة.