الطفل الفلسطيني في لبنان ظروف – فرص – تحديات حزيران 2008

ملخص تنفيذي لدراسة عن
الطفل الفلسطيني في لبنان
ظروف – فرص – تحديات
حزيران 2008
 
تهدف هذه الدراسة الميدانية التي أجرتها المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان "شاهد"، إلى الوقوف عن قرب على حقيقة واقع الطفل الفلسطيني في لبنان بلغة الحقائق والأرقام؛ وذلك من خلال التعرف على واقعه الصحي وأبرز التحديات الصحية التي تواجهه، وواقعه الاجتماعي والسلوكي وصحته النفسية، ومدى ارتباط ذلك بالعوامل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والأمنية، وعلى واقعه التربوي، بدءاً بتحصيله العلمي وظاهرة التسرب المدرسي وصولاً إلى علاقته بمدرسته ومعلميه، إلى جانب التعرف على مدى تأثير الضغوطات الاقتصادية والسياسية والأمنية على هذا الواقع، وعلى طريقة تفكير الطفل نفسه، وأخيراً معرفة الفرص التي يمكن الاستفادة منها للتغلب على التحديات والمصاعب التي تواجه الطفل الفلسطيني في لبنان.

وللوصول إلى هذه الأهداف، عملت المؤسسة على عدد من المحاور، كان أولها استطلاع للرأي أجرته خلال الفترة 21/12/2007 لغاية 12/1/2008 وشمل عينة عشوائية من 433 طفلاً في الفئة العمرية  من 9-15، توزعت على 12 مخيماً للاجئين الفلسطينيين في لبنان. وغطت الاستمارة المعدة للاستطلاع الأوضاع التعليمية، والاقتصادية، والاجتماعية، والصحية، والنفسية، وعدداً من الجوانب الأخرى.

أما المحور الثاني فكان عبارة عن مجموعات تركيز عُقدت في الفترة 7/3/2008 – 15/4/2008، ودارت خلالها حوارات مع نحو 112 طفلاً فلسطينياً من الذكور والإناث في الفئة العمرية (9-16) سنة، توزعوا على خمس مناطق جغرافية، شملت بيروت، وصيدا، وصور، وطرابلس، والبقاع. وكان الهدف منها تشجيع الأطفال على الحوار، والتعرف عن قرب على واقعهم كما يصفونه بأنفسهم، إضافة إلى تدعيم نتائج الاستطلاع. وقد غطت اللقاءات التي أجريت مع الأطفال مواضيع المسكن، والصحة، والتعليم، واللعب ووقت الفراغ، والحالة النفسية والشعور بالأمان، والوضع الاقتصادي، والآمال والطموح.

وسلّط المحور الثالث الضوء على أوضاع أطفال مخيم نهر البارد، قبل الأزمة التي شهدها المخيم، وخلال تلك الأزمة وما بعدها. ونبّه هذا المحور من خطورة التأثيرات الناجمة عن الأحداث التي انتهت بتدمير المخيم، على الواقع النفسي والتعليمي والاجتماعي للأطفال، إضافة إلى تأثر آمالهم وطموحاتهم بتلك الأحداث.

وضمّ المحور الرابع مقابلات مع عدد من الناشطين في مجال الطفولة وحقوق الإنسان.
وقد أظهرت هذه الدراسة وجود عدة مؤشرات مقلقة فيما يتعلق بواقع الطفل الفلسطيني في لبنان، كان من أبرزها على المستوى النفسي وجود نسب عالية من الشعور بالظلم (82.9%)، وغياب الشعور بالأمان (51.5%)، وهو أمر عززته نتائج مجموعات التركيز، خصوصاً في مخيمي نهر البارد وعين الحلوة، والميل للعنف (45.4%)، والرغبة في الهجرة إلى خارج لبنان (66.7%).

وفيما يتعلق بالوضع التعليمي، برز موضوع غياب متابعة الأداء الدراسي لدى نسبة عالية من الأطفال، حيث تبيّن أنه لا يوجد من يتابع الفروض المدرسية لـ29.1% منهم. وكان من الملفت أيضاّ في هذا السياق وجود 19.5% فقط من الأطفال يتابع أحد الوالدين فروضهم، وقد يكون ضعف المستوى التعليمي للأهل أنفسهم سبباً مباشراً في هذه النسبة المنخفضة، حيث أظهرت الأرقام أن  15.7% فقط من الآباء و13.9% من الأمهات أنهوا مرحلة التعليم الثانوي، في حين أن 9.5% فقط من الآباء و2.8% من الأمهات تلقوا تعليماً جامعياً.

وقد عكست اللقاءات التي أُجريت مع الأطفال في مجموعات التركيز مدى الوضع المقلق الذي بلغته أوضاعهم التعليمية، حيث تعددت المشكلات التي يشكون منها، بدءاً بسوء أوضاع الأبنية المدرسية، وضعف المستوى التعليمي في مدارس الأونروا، إضافة إلى اكتظاظ صفوفها، وصولاً إلى ضعف الاهتمام بالتعليم لدى كل من الطالب والمدرسة والأهل، وعدم احترام المعلمين. إلى جانب غياب الطموح الوظيفي للأطفال نتيجة انسداد آفاق العمل مستقبلاً، وتأثر واقع الأطفال التعليمي بالأوضاع الاقتصادية والصحية والأمنية بصورة كبيرة.

وعلى مستوى الخدمات التي تقدمها وكالة الأونروا لوحظت نسبة عالية من عدم الرضا عن هذه الخدمات، وبلغت في مجملها 72.3%. والبارز في هذا الجانب هو أن حالة عدم الرضا كانت كبيرة في المجالين الأساسيين اللذين تغطيهما؛ التعليم والصحة. مع العلم أنه تبيّن من خلال الاستطلاع أن اعتماد الأطفال الفلسطينيين في لبنان في هذين المجالين تحديداً كان في غالبيته الكبرى على الخدمات المقدّمة من قبل الوكالة.

وفي موضوع اللعب ووقت الفراغ عززت اللقاءات النتيجة التي توصل إليها الاستطلاع فيما يتعلق بتأثر حق الأطفال في اللعب بغياب الأماكن المخصصة أو الملائمة للعب، مع الإشارة إلى أن الاستطلاع أظهر أن 60.7% من الأطفال لا تتوفر لهم أماكن لممارسة ألعابهم المفضلة في مناطق سكنهم، كما أن النسبة نفسها تقريباً أفادت أن غياب هذه الأماكن يحرمهم بالفعل من ممارسة تلك الألعاب، وبلغت هذه النسبة 59.6% من الأطفال الذين شملهم الاستطلاع.

وبرز على المستوى الاقتصادي غياب الاستقرار الاقتصادي، حيث أظهرت الدراسة أن 84.8% من الآباء هم عمال مياومة لا يضمنون دخلاً شهرياً ثابتاً.

وكان من المؤشرات البارزة كذلك الآثار الناجمة عن أحداث مخيم نهر البارد على أطفال هذا المخيم، حيث سُجّلت بينهم أعلى نسب غياب الشعور بالأمان بين أقرانهم، وبلغت 69.7%، إلى جانب وجود أعلى نسبة مشاكل مع الجيران بينهم، وبلغت 63.2%. إلا أنه سجّل في الوقت نفسه أدنى نسب الرغبة في الهجرة (53.9%)، ونسبة متدنية في الرغبة بالسكن خارج المخيم، بلغت 39.5%، مقارنة مع نسبة عامة بلغت 60%.

ومن المواضيع الأخرى التي أثيرت خلال لقاءات مجموعات التركيز: سوء أوضاع المساكن، والاكتظاظ داخل المنازل، وغياب الخصوصية لدى كل من الأطفال والأهل، ومسألة سوء الرعاية الصحية، وضعف الخدمات المقدمة من قبل وكالة الأونروا، والتأثيرات الصحية السلبية الناتجة عن أوضاع المساكن والمخيمات.

وختاماً فقد حاولت الدراسة تلخيص أبرز التحديات التي تواجه الأطفال الفلسطينيين في لبنان في عدد من النقاط، ووضع عدد من الحلول والتوصيات المقترحة لمعالجتها والتغلب عليها، وهو أمر لا بد لإتمامه من تضافر جهود كل من الدولة اللبنانية، والعاملين في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، والعاملين في مجال الطفولة، وخصوصاً وكالة الأونروا، ومنظمة اليونيسيف، والمؤسسات الحقوقية، ومؤسسات العمل الاجتماعي، إضافة إلى الدور الأساسي للأهل أنفسهم.