تعثر مشروع بناء وتأهيل عدد من المنازل في مخيم برج الشمالي في صور يثير جملة من التساؤلات

تعثر مشروع بناء وتأهيل عدد من المنازل في مخيم برج الشمالي في صور يثير جملة من التساؤلات

تتنقل معاناة اللاجئين الفلسطينيين بين مخيمات لبنان، تارة تزداد حدة وطورا تخف، ومرة تطول ومرة تنقضي بسرعة. لكن في مجمل الاحول هناك معاناة تأخذ أشكالا مختلفة وتتطور بتطور الزمان والمكان. ويبقى التساؤل عند كل ازمة او قضية؟ من المسؤول، وكيف يمكن معالجة المشاكل؟
أهي الانروا التي وجدت لخدمة اللاجئين الفلسطينيين، ام الفصائل الفلسطينية التي تراجعت في أدائها ودورها الوطني الى مستوى متدني جدا، ام اللجان الشعبية التي تحتاج الى من يعيد اليها الحياة لتعيد بدورها الامل الى ابناء المخيمات، ام الجمعيات الاهلية التي بات عليها عبئا ثقيلا امام تراجع الاطراف جميعها عن تحمل المسؤوليات؟ أم الدولة اللبنانية التي لا تنظر الى الانسان الفلسطيني الا من منظار أمني؟ اسئلة كبيرة تطرح دائما، ولكن ليس هناك جواب شاف لذلك.
 

مخيم برج الشمالي


اليوم هي معاناة أصحاب المنازل المهدمة في مخيم برج الشمالي، منازل هدمت على أمل إعمارها من قبل الأنروا التي تعهدت بعملية الإعمار بعد الهدم، على أن تنشأ منازل ذات مواصفات صحية، يذكر أن المنازل التي هدمت هي أشباه منازل وليست منازل.
وكانت المؤسسة الفلسطينية لحقوق الانسان قد اصدرت دراسة شاملة عن المنازل التي لا تصلح للسكن في المخيمات الفلسطينية واخذت مخيم برج الشمالي مثال بتاريخ حزيران 2006. وسجلت هذه الدراسة اوضاع المنازل داخل هذا المخيم فكانت النتجة ان العديد من المنازل لا تتمتع بالمواصفات المطلوبة والعديد منها لا يصلح للسكن اطلاقا. 
 
الوقائع:
 
طلبت وكالة الأنروا من 35 عائلة في مخيم برج الشمالي إخلاء المنازل بهدف البناء أو الترميم. 31 منها لإعادة إعمارها كونها لا تصلح للسكن، و4 وحدات ترميم، وبالفعل بدأت عملية الإعمار لـ35 وحدة في المخيم. طلب من سكان هذه المنازل اخلائها والسكن في مكان آخر لحين انتهاء المشروع الذي يستمر ثلاثة اشهر. بدأ المشروع في 4\8\2007. تعاقدت الانروا مع شركة شبارو والتي بدورها تعاقدت مع شركة قدموس للمقاولات.
 المشكلة بدأت يوم الخميس 6/10/2007:
  • أوقف العمل بالمشروع من قبل المقاولين ومن ثم العمال لأن شركة قدموس لم تلتزم بدفع اجورهم.
  • المعاملة السيئة من قبل مهندس شركة قدموس مع المقاولين في تأمين مستلزمات البناء.
  • إعطاء فواتير وإيصالات وسندات لا تحتوي على أختام الشركة.
من المتضرر؟
 
لا شك أن المتضرر الأول من إيقاف العمل في المنازل هم أصحاب المنازل أنفسهم الذين إستاجروا منازلا لا تصلح للسكن ( براكية، منزل مهجور،..) .
 أما المتضرر الثاني فهو المقاول داخل المخيم، حيث تكبد خسائر مالية عالية اضافة الى ايجاد عداوات مع اصحاب المنازل والعمال على حد سواء. وكثير منهم إشترى مواد البناء من جيبه الخاص على أمل ان تدفع له شركة قدموس ذلك.
ومع أن اللجنة الشعبية في مخيم برج الشمالي قد طمأنت المقاولين والعمال وأصحاب المنازل ان الحقوق محفوظة، الا ان هناك مخاوف كبيرة من عدم الوفاء بالالتزامات امام جميع هذه الاطراف. وتقول شركة قدموس ان شركة شباور لم تف بإلتزاماتها، اما شركة شبارو فتقول انها امام مشكلة مع الانروا؟
 ويقول العديد من المقاولين ان مواصفات البناء ليست صحيحة وانه يطلب منهم الالتزام بما تفرضه الشركة وليس ما تفرضه مواصفات البناء.
 
ماذا تقول الانروا؟
 
الانروا بدورها لم تسلم من الانتقادات من قبل اصحاب المنازل والمقاولين على حد سواء، كونها الجهة الرسمية التي تعهدت ببناء المنازل، لكنها وجدت نفسها أمام مشكلة حقيقية نتيجة لتوقف البناء بشكل مفاجئ. وتؤكد الانروا ان سبب المشكلة فيما يخص حسن سير عمليات البناء يعود الى ان المتعهد الاساسي – شركة شبارو – لم يف بالتزاماته تجاه الانروا، وأن هناك محاولات جادة لاعادة البناء قبل حلول فصل الشتاء. اما البحث في مواصفات البناء فإن القضية تكمن في أن الانروا تحاول ان تقدم خدمات لأكبر عدد ممكن من المستفيدين بما هو متوفر من موازنات مرصودة لهذه الغاية.
والمشكلة قد تتفاقم حيث طلبت الانروا من 19 عائلة الخروج من المنازل لإعادة إعمارها وإنشائها، ووعد المقاولون وأصحاب المنازل التي لم يتم إكمال إعمارها وعدوا بإيقاف عملية الاعمار الجديدة حتى دفع جميع الكشوفات والمستحقات القديمة.
 
رواية المقاول مصطفى طه أبو ربيع:
المنازل التي طلبت الأنروا من الأهالي إخلائها هي 35 منزل، 31 منزل إعادة إعمار و4 منازل للترميم، برنامج الأنروا يتم من خلال مناقصات للشركات التي تتوكل إعادة الإعمار، ورست المناقصة على شركة شباروا التي أوكلت شركة قدموس لصاحبها إسماعيل حويلا والتي بدورها سلمت مقاولين صغار من داخل المخيم لإعادة الإعمار. بتاريخ 6/10/2007 بدأ أصحاب الحقوق داخل المخيم بالمطالبة بحقوقهم المالية، وكان الجواب من قبل الشركة سلبي، وعلم هؤلاء أن شركة شبارو قد تسلمت كشف مالي من الأنروا بقيمة 56 ألف دولار أمريكي قبل العيد بيوم واحد هو يوم الخميس.
 بعد مماطلة طويلة أعطي جزء لا يكفي لسد حقوق العمال وعندما تمت المراجعة كان الجواب أن شركة شبارو إقتطعت من المبلغ أي ما هو عائد لها من الكومسيون، أصر أصحاب شركة قدموس إسترداد 16 ألف دولار أمريكي فلم يفلح أحدا في ذلك، مما أضطر المقاولين داخل المخيم لإيقاف العمل بالمنازل التي يقومون بإنشائها في 6/10/2007 وحتى اليوم. وللعلم أن الأنروا والشركة واللجان الشعبية على علم ودراية بأن البناء في المنازل قد أوقف ولكن لا حياة لمن تنادي.
رواية صاحب منزل يتنظر المضي بالاعمار بدر محمد موسى:
 
هو من أفقر السكان في الحي الغربي يعيش مع زوجته وأربعة أولاد. "عندما بلغوني أنو إسمي جاي بالعمار كيفت" بهذه الكلمات بدأ بدر يتحدث عن المعاناة حين بدأت الأنروا بترميم منزله، يقول بدر أن خالد أبو عطية هو المقاول الذي كلفته شركة قدموس إعادة إعمار منزله، وبالفعل قام المقاول بذلك الى يوم الخميس حيث أوقف العمل بالبناء مبررا أن عليه إلتزامات مالية لم يستطع الإيفاء بها لأن الشركة المكلفة لم تعطه مستحقاته.
رواية المقاول خالد حسن جمعة أبو عطية:
توجهت مؤسسة شاهد الى المقاول خالد حسن جمعة أبو عطية الذي دار كثير من الكلام حوله. المقاول ابو عطية تسلم إعمار 3 منازل بدأ العمل بشكل طبيعي الى يوم الخميس الموافق في 6/10/2007 حيث أوقف العمل لان الشركة لم تعطه الإلتزامات المتوجبة لدفع أجور العمال ومستحقاتهم، يقول أبو عطية "تسلمت مبلغ 2000 دولار لم تكف لسداد اجورالعمال، مما دفع بعضهم لرفع شكوى الى الكفاح المسلح".
 وحين سؤاله عن أخذه البضاعة قال:
 أنا أخذت 6 أعمدة مربطة وجاهزة لانني لا أستطيع ترك البضاعة في الشوارع والأزقة في خسارة لي أيضا، كذلك كثير من المقاولين فقدوا من مواد البناء من ترابة وبحص ورمل وحديد، "لو كل يوم رفش كان راحت لبضاعة". وقال أيضا، باقي المقاولين لم يسحبوا بضاعتم لأنها أمام منازلهم -وبالفعل تحققنا من ذلك- أما أنا فبضاعتي في الشارع وأخاف من تفاقم الخسارة. ويلفت أبو عطية الى رداءة المواصفات التي يتم إنشاء المنازل على أساسها، فالقاعدة لا تتجاوز 40 سم عمقا، ويمنع وضع التشريك بالشكل الأفقي.
 
الواقع الان:
 
 أفاد مندوب شاهد في مخيم برج الشمالي ان مهندسا من قبل الانروا اجتمع مطولا مع شركة قدموس ووعد بمعالجة المشكلة. وبالفعل تم اللقاء من قبله مع المقاويلن لتكييل ما أنجزوه على ان يدفع لهم كامل اتعابهم. من جهة اخرى أستأنف المقاولون والعمال عملهم في بناء او ترميم المنازل المستدفة، على ان تسير الامور وفق ما اتفق عليه وعلى ان يسرع المقاولون والعمال اعمالهم وانهاء البناء قبل حلول فصل الشتاء. ان المؤسسة الفلسطينية لحقوق الانسان اذ تطرح واقع المشكلة هذه، واذ تعرب عن فرحتها عن استئناف العمل في بناء وترميم عدد من المنازل فإنها، تطالب الانروا بأن تكون العقود مع الشركات المتعهدة واضحة جدا وتتضمن بنود جزائية تفعّل عند المخالفة، لان المسألة لا تتعلق ببناء في صحراء، بل في مخيم يحتاج الى سرعة هائلة في الانجاز. كما تطالب الانروا بأن تحسن من المستوى المطلوب في عمليات الاعمار ان لجهة عدد المنازل او لجهة المواصفات الهندسية. كما تطالب اللجنة الشعبية والفصائل الفلسطينية وجمعيات المجتمع المدني ان يكون لهم دور اكبر من ذلك في الوقوف عند اي مشكلة تتعلق بالشأن العام الفلسطيني.
 
المؤسسة الفلسطينية لحقوق الانسان (شاهد)
 بيروت في 3\11\2007