تجمع المعشوق في صور مثال لامتهان الإنسان الفلسطيني حيا وميتا

تجمع المعشوق في صور، مثال لامتهان الإنسان الفلسطيني حيًًًًًّا وميتا
 
يعتبر تجمع المعشوق إحدى التجمعات الفلسطينية المنتشرة في منطقة صور، ويعيش في المعشوق قرابة 3000 لاجئ فلسطيني. وتعاني التجمعات الفلسطينية من حرمان شديد، فهي غير مشمولة بخدمات الأنروا لإنها لا تصنف على أنها مخيم، بل تعتبر بلدة لبنانية تسري عليها القوانين اللبنانية لكن على قاعدة واجبات من دون حقوق. يوجد في تجمع المعشوق مركز صحي تابع للأنروا "عيادة" لكنها تعمل ليومين فقط في الأسبوع، وهي لا تحوي مختبر، أو أشعة ، أو أطباء مختصين، بل هناك مراجعة صحية عامة للأطفال والحوامل، ويضطر المرضى لزيارة عيادة مخيم البص . لا تجمع الأنروا النفايات مثل باقي المخيمات، وإنما تقوم اللجنة الشعبية بجمع النفايات مقابل مبلغ مقطوع قيمته 5000 من كل بيت. أما بالنسبة للكهرباء فإن اللاجئين الفلسطينيين يدفعون رسوم كهرباء، في حين لا يدفع الفلسطينيون في المخيمات في العموم رسوم كهرباء، وتدفعها الأنروا أو جهات مانحة كدفعات سنوية. توجد في تجمع المعشوق مدرسة ابتدائية تابعة للأنروا تدعى مدرسة الطنطورة، أما طلاب المرحلة المتوسطة أو الثانوية فإنهم يضطرون الى التوجه الى مدارس مخيم البص والرشيدية. يعمل سكان مخيم المعشوق في الأعمال اليومية مثل الزراعة وأعمال البناء مقابل أجور لا تلبي الحاجات الفعلية لعائلات التجمع. يعيش في المعشوق مواطنون لبنانيون.

ويتميز مخيم المعشوق بالمقبرة الشهيرة مقبرة المعشوق، حيث كانت ولسنوات طويلة مكانا لدفن أموات مخيمي البص والبرج الشمالي والتجمعات الفلسطينية الأخرى مثل الشبريحا. ومع بناء مقبرة في مخيم البرج الشمالي قبل عدة سنوات، فإن سكان مخيم البص والتجمعات الفلسطينية القريبة الأخرى لا زالوا يدفنون مواتهم في هذه المقبرة، فضلا عن موتى سكان تجمع المعشوق.

تجمع المعشوق ومقبرته الشهيرة هي مثال حي لمعاناة الإنسان الفلسطيني في لبنان، حيا كان أم ميتا. فالمقبرة هي مكان للعب ورمي النفايات، وهي مستباحة من قبل عموم الناس، حيث لا يوجد سور يحيط بها ويرد عنها العابثين أو يمنع الناس من رمي النفايات فيها. ومع أن اللجنة الشعبية في تجمع المعشوق هي المسؤولة فعليا عن معالجة هذه الأزمة، إلا سوء إدارة أمر المقبرة ولعقود طويلة جعل المقبرة مكانا لا ليستريح الأموات بل لرمي النفايات. ولم تجد اللجنة الشعبية مكانا تضع فيه حاويات الزبالة إلا في مقبرة المعشوق، وتبرر قولها أن الناس ترفض أن توضع حاويات الزبالة أمام بيوتها لأسباب عديدة منها الروائح الكريهة، ومنها أن جمع النفايات لا تتم بانتظام فهي قد تمكث لعدة أيام من دون أن تنقل الى المكان النهائي لها. أما لعب الأطفال، فهو يعود إلى أن تجمع المعشوق لا يوجد فيه مكان مخصص يلعب فيه الأطفال، فلا يجدون إلا مقبرة المعشوق خاصة أنها قريبة جدا من منازلهم.

وأمام هذه الظروف الإنسانية الصعبة ييقى الإنسان الفلسطيني في تجمع المعشوق سواء كان حيا أم ميتا عرضة لامتهان الكرامة الإنسانية. ويبقى التساؤل الكبير من المسؤول عن كل هذا؟

أليس من باب أولى على الأنروا أن تقدم خدماتها للتجمعات الفلسطينية بالقدر الذي تقدم فيها الخدمات الى المخيمات، مع أن خدمات الأنروا في تراجع مستمر؟ لماذا لا يبنى سور يحمي المقبرة من العابثين – عن قصد أو غير قصد - ولماذا لا توجد أماكن يلعب فيها الأطفال؟ ألم يمض على أزمة مقبرة المعشوق عقود؟ أين دورالدولة اللبنانية في هذا، وبلدية برج الشمالي بشكل خاص، ألا يدفع الفلسطينيون في تجمع المعشوق الرسوم والضرائب المتوجبة عليهم؟ ألا يقومون بواجباتهم، فلماذا لا يمنحون حقوقهم؟