تجمع القاسمية حقوق تائهة بين ولاية الأونروا وأصحاب العقارات

تجمع القاسمية

حقوق تائهة بين ولاية الأونروا وأصحاب العقارات

تقرير في 29/12/2016

تعريف تجمع القاسمية :

يرجع تاريخ إنشاء تجمع القاسمية، الذي يقع بالقرب من مدينة صور الجنوبية، الى نكبة الشعب الفلسطيني عام 1948. حيث تحده من الشرق بلدة برج رحال، ومن الغرب طريق عام صيدا- صور، ومن الشمال نهر القاسمية ومن الجنوب بلدة البرغلية. وهو يتبع إدارياً وعقارياً لبلدة برج رحال.

وتعود تسمية تجمع القاسمية بهذا الاسم إلى نهر القاسمية المحاذي للتجمع (هو نفسه نهر الليطاني).

يبلغ عدد سكان تجمع القاسمية حوالي 2000 نسمة وذلك وفقاً لتعداد اللجنة الشعبية.

يعيش في تجمع القاسمية عائلات (رمضان- رميض- الموسى- رحيمة- مزيان- المهداوي- المصطفى- النميري) تنحدر من أصول يطغى عليها طابع العشائر حيث يضم كل من الغوارنة، عرب الهيب، عرب الحمدون، وعرب النميرات المغاربة وبعض العشائر الأخرى.

يتسم تجمع القاسمية برغبة معظم شبانه بالهجرة الى دول أوروبا وخاصة ألمانيا، وذلك هرباً من الظروف الاقتصادية المعيشية الصعبة التي يعيشها التجمع، لذلك يطلق عليه البعض من باب التندر والدعابة بتجمع برلين.

ماذا يعني تجمع وماذا يعني مخيم؟

المخيم حسب تعريف الأونروا هو قطعة من الأرض، تكون إما حكومية أو في أغلب الحالات استأجرتها الحكومات المستضيفة من الملاك المحليين - وضعت تحت تصرف الأونروا كمساعدة للاجئين الفلسطينيين في تسهيل احتياجاتهم الأساسية، ولا يمكن لسكان المخيمات تملك هذه الأراضي، ولكن لهم الحق في الاستفادة منها للسكن".

أما التجمع فهو عبارة عن بقعة جغرافية إما مملوكة من قبل أشخاص أو أرض مشاع يعيش فيها اللاجئون الفلسطينيون، وذلك دون أن تقوم وكالة الأونروا باستئجار هذة العقارات من مالكيها، ولذلك فإن هذه التجمعات لا تستفيد من تقديمات الأونروا كما تستفيد المخيمات.

يعيش اللاجئون الفلسطنيون في لبنان في العموم حالة إنسانية بالغة السوء سواء لجهة القوانين الناظمة أم لجهة الواقع نفسه. وتزداد نسبة المعاناة ما بين تجمع ومخيم. والاختلاف بينهما هو اختلاف نسبي وليس نوعي.

فالقوانين الناظمة للوجود الفلسطيني تطال كل اللاجئين في لبنان سواء عاشوا في مخيم أم في مدينة أم في تجمع. وقوانين العمل التي تمنع اللاجئ الفلسطيني من العمل في المهن الحرة وقانون التملك الذي يمنع اللاجئ من التملك العقاري وغيرها.. تطال المجموع الفلسطيني كله. لكن جوهر معاناة سكان التجمعات أنها تجمعات غير رسمية (بموجب تعريف الأونروا أو الدولة اللبنانية) وهي بالتالي لا تتمتع بالخدمات التي تتمتع بها المخيمات الأخرى. كما أن المعاناة الأخرى تتمثل بعدم القدرة على البناء أو الترميم إلا ضمن ضوابط شديدة جداً.

نظرة الأونروا والدولة اللبنانية إلى التجمعات الفلسطينية في لبنان:

تعتبرالتجمعات الفلسطينية في لبنان بما فيها تجمع القاسمية تجمعات أقيمت ضمن مبدأ "الأمر الواقع" ذلك أن الأراضي التي أنشأت عليها هذه التجمعات هي إما أراضي مشاع للدولة اللبنانية أو للبلديات المجاورة، ومنها ما هو متداخل مع أراض مملوكة للغير كعقارات آل عسيران وعقارات حسن يونس المغترب في أميركا والمتداخلة مع تجمع القاسمية، والذي يواجه بعض سكانه بين الحين والآخر شكاوى واستدعاءات لإخلاء هذه العقارات، والتهديد بالإزالة عنوة من قبل السلطات اللبنانية. كما هوحاصل مثلاً في تجمع الشبريحا حيث أن هناك حوالي 65 منزلاً مهدد بالإزالة أيضاً.

إن الأونروا تعتبر نفسها مسؤولة فقط عن 12 مخيماً رسمياً في لبنان. وتحاول التنصل من تقديم الخدمات لسكانها مباشرة في نفس مكان التجمع، إنما قد تُحيل خدمات هذا التجمع أو ذاك إلى أقرب مخيم من حيث المدارس والصحة الأولية في العيادات وغيرها، أما إزالة النفايات وتطوير البنية التحتية من طرقات وشوارع وترميم المنازل، فالأونروا تعتبر نفسها غير مسؤولة عن ذلك، لذا تقوم بعض مؤسسات المجتمع المدني بتحمل هذه المسؤولية، ومؤخراً بدأت الأونروا توفر جزء من محروقات الديزل لتشغيل مولدات آبار المياه فقط وهذه الكميات في العموم ليست كافية.

أما موقف الحكومة اللبنانية والبلديات فهو في حالة تجاذب وتراخي، فالتجمعات الآن هي أمر واقع، لكن البلديات والسلطات اللبنانية تضع قيود صارمة على تطويرها أو تحسينها، وبالتالي ستبقى هذه التجمعات مهمشة تعاني الإهمال في ظل هذه النظرة السائدة.

وفيما خص المنازل الغير صالحة للسكن فإن تجمع القاسمية محروم بشكل كبير من هذا الحق، حيث إن العديد من المنازل في هذا التجمع لم تعد صالحة للسكن ويحظر على أصحابها القيام بأي أعمال ترميم أو صيانة، كما أن اصحاب العقارات التي أنشأت عليها هذه التجمعات يقومون بتهديد الأهالي بإخلاء المنازل رغبة منهم باستثمار ممتلكاتهم، وهنا تكمن المعضلة في حق الأهالي بمسكن لائق وفي المقابل حق المالك في استثمار أراضيه.

تجمع القاسمية والمجتمع المحلي:

يعتبر المجتمع المحلي بمثابة جهة شبه رسمية وهي تتمثل باللجنة الشعبية، واللجنة الأهلية ومؤسسات المجتمع المدني الأخرى. وبحسب الواقع فهي ليست هيئات ذات نفوذ، بل هي هيئات مطلبية وسيطة تتدخل وتسعى للمطالبة من أجل رفع الضرر عن سكان التجمعات والتخفيف من معاناتهم وهي تقوم بإحصاء المنازل الآيلة للسقوط وتطالب المؤسسات والجهات المانحة بضرورة التدخل لصيانتها وتأهيلها حفاظاً على حياة سكانها من اللاجئين الفلسطينين. بحيث تعطى الأولوية للأكثر ضرراً. كما تشرف بشكل عام على أعمال النظافة، (إزالة النفايات، التواصل مع المحيط للتخفيف من المعاناة).

وبحسب اللجنة الشعبية[1] في التجمع فإن حوالي 23 منزلاً في الحي الجنوبي تحتاج إلى ترميم وصيانة، ولكن بسبب مخاوف أصحاب العقارات لم يبدأ الترميم بعد. وقد حاولت العديد من المؤسسات المانحة وخصوصاً منظمة UNDP، واللجنة الدولية للصليب الأحمر تبديد هذه الهواجس، لكنها لم تنجح لغاية الآن. حيث تعهدت هذه الجهات لأصحاب الأراضي المملوكة بعدم زيادة البناء وأن تكون عملية ترميم فقط، ولكن هذه المنازل لم يجر ترميها وقد وقفت بلدية برج رحال موقفاً مشابهاً لموقف أصحاب العقارات.

الخلاصات:

-إن المشكلة الأكبر التي يعاني منها سكان تجمع القاسمية أنه تجمع غير رسميوبالتالي لا يحظى باهتمام الأونروا كما هو الحال مع المخيمات. (خدمات الصحة وإزالة النفايات..). كما أن العقارات التي يعيش عليها سكان تجمع القاسمية هي عقارات إما تابعة للدولة نفسها أو لمواطنين لبنانيين. إن ذلك يعني أن صاحب العقار له الحق في أن يتصرف بعقاره كما يشاء، لكنه غير قادر حاليا لأن ذلك مرتبط ليس بمشكلة فردية وإنما بمشكلة سكان لهم قضية سياسية ووطنية طويلة.

-لم تحاول وكالة الأونروا البتة استئجار عقارات لهؤلاء السكان بحيث تستقر أوضاعهم المعيشية ويخرجون من حالة القلق الدائم.

-إن المساكن الآيلة للسقوط إنما هي مشكلة خطيرة في كل الأوقات، خشية سقوطها على رؤوس ساكنيها.وإما لعدم صلاحيتها للسكن وما تسببه من أمراض جلدية أو تنفسية، وتشكل حالة القلق والحرمان التي يعيشها سكان تجمع القاسمية بيئة طاردة للسكان. من أجل ذلك فإن عدد كبير من شباب التجمع هم خارج لبنان، ولا يوجد عدد دقيق أو إحصاء دقيق لنسبة الهجرة، وذلك لأن العديد من العائلات هاجرت منذ ستينات القرن الماضي، وهذه النسبة ارتفعت في السنة الماضية وخاصة مع موجة النزوح أو الهجرة من سوريا الى أوروبا مستغلين الظروف السياسية السامحة للهجرة وخاصة سياسة الأبواب المفتوحة التي اتبعتها وزيرة خارجية المانيا أنجيلا ميركل والاتحاد الأوروبي عامة .

-تشكل ظاهرة هجرة الشباب إلى أوروبا سبباً رئيسياً إلى ارتفاع نسبة العنوسة في تجمع القاسمية، حيث أن ثلث شابات المخيم هم فوق سن الخامسة والثلاثين، ولم يتزوجن بعد وذلك وفقاً لتعداد اللجنة الشعبية فضلاً عن الآثار الاجتماعية الناجمة عن ترك العائلة لوحدها ( الزوجة والأطفال). كما أن ظاهرة الهجرة هذه تضعف الروابط الأسرية وبالتالي الكثير من المهاجرين فقدت آثارهم في بلدان الهجرة وانعكس ذلك نفسياً ومعنوياً على عائلاتهم.

التوصيات :

بناء على هذا التقرير تطالب المؤسسة الفلسطينة لحقوق الإنسان "شاهد" بما يلي:

1.إلغاء حظر التملك عن الفلسطينيين، لما له من آثار كارثية على الحياة الاقتصادية والاجتماعية.

2.الموافقة على توسيع مساحة المخيمات بالتعاون مع وكالة الأونروا.

3.إمكانية تقديم مساحات من قبل البلديات المجاورة في حال استمر أصحاب العقارات برفض ترميم البيوت.

4.السماح بتطوير وتحسين أوضاع هذه التجمعات الفلسطينية في لبنان من حيث تأهيل المساكن والبنية التحتية وتزويدها باحتياجاتها لحين حل قضية اللاجئين وعودتهم إلى ديارهم.

5. ضرورة توسيع الأونروا لخدماتها لتشمل التجمعات الفلسطينية من حيث التعليم والصحة والنظافة وتأهيل المنازل والبنية التحتية.

6.العمل بشكل جاد وحقيقي لحل مشكلة المنازل المهددة بالسقوط في تجمع القاسمية، سواء كان عبر شراء الأراضي من مالكيها أو استئجار هذه العقارات أو إيجاد مسكن بديل لأهالي التجمع أو التفاوض مع المالكين من أجل السماح للأهالي بالقيام بأعمال الترميم والصيانة ووضع حد لهذه المعاناة.

7.تشكيل لجنة هندسية للكشف على المنازل المهددة بالانهيار، والعمل السريع على إعادة إعمارها أو ترميمها.

29/12/2016

المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان "شاهد"



[1] مقابلة اجرت مع عضو اللجنة الشعبية السيد خالد حسن رمضان، تاريخ المقابلة 5/12/2016