الطالب الفلسطيني في مدارس الأنروا ضحية باسم حقوق الإنسان

الطالب الفلسطيني في مدارس الأنروا ضحية باسم حقوق الإنسان تقرير يرصد نتائج تطبيق قرار الـ إي تي آي رقم 1/80 على الطلاب الفلسطينيين في مدارس ومراكز الأنروا
 
أصدرت مؤسسة شاهد لحقوق الإنسان تقريرا تحت عنوان: "الأنروا وحقوق الإنسان، نحو مقاربة حقوقية"، قراءة تحليلية في فهم الأنروا لحقوق الإنسان، بعد القرار الذي أصدرته حول "الحصول على الانضباط داخل بيئة تربوية خالية من العنف". وجاء صدور هذا التقرير بعد الجدل الواسع الذي شغل الأوساط التربوية الفلسطينية خصوصا الهيئات التدريسية التي شعرت بأن طريقة تطبيق هذا القرار جاء ليجهض على ما تبقى من المسيرة التعليمية.
يتضمن التقرير الذي جاء في 28 صفحة بما فيها ملخص عن القرار الـ إي تي آي رقم 1/80، ستة محاور، الأول تناول الأهداف العامة للتقرير، المحور الثاني تناول الواقع التربوي والتعليمي للفلسطينيين في لبنان أرقام وإحصاءات، والمحور الثالث تناول الكادر التعليمي ومدى الثقة بمدارس الأنروا، أما المحور الرابع تناول بالتفصيل ماهية القرار وأبرز مضامينه والمآخذ عليه، أما المحور الخامس فتناول شهادات من الهيئة التدريسية سجلتها مؤسسة شاهد من حوالي 90 مدرس ومدرّسة فلسطينية رفضوا الكشف عن أسمائهم خوفا من عقاب الأنروا، وذلك من مختلف المناطق اللبنانية. في المحور السادس قدمت خلاصات وتوصيات.
في الأهداف العامة للتقرير تقول شاهد بأنها تلقت شكاوى عديدة من الهيئة التدريسية حول الفهم الخاطئ لمبادئ حقوق الإنسان ومدى الضرر الكبير الذي طال الهيئة التدريسية نتيجة له. وهو ما دفع "شاهد" للتحقق من هذه الشهادات، حيث زارت العديد من المدارس، والتقت بالعديد من الطلاب والأهل، ولاحظت أن هناك تمييع واسع لروح ومبادئ حقوق الإنسان تصيب بالضرر العملية التعليمية المتعثرة أساسا.
أما عن الواقع التربوي للفلسطينيين في لبنان فقد أشار التقرير الى ثغرات خطيرة جدا، تجعل مدارس الأنروا ومراكزها والتي تعتبر الرئة التي يتنفس من خلالها 36534 طالب وطالبة، عاجزة عن القيام بدورها التربوي بالشكل المطلوب. والنتائج المباشرة لهذه الثغرات تبدو واضحة جدا من خلال نتائج الامتحانات الرسمية خصوصا في المرحلة المتوسطة حيث سجلت الأنروا عام 2007-2008 معدل نجاح 42% فقط. كما أن عدد الطلاب في مدارس ومراكز الأنروا يتراجع عاما بعد عام على عكس الزيادة السكانية السنوية للفلسطينيين والتي وصلت في نهاية 2007، 1.4%. كما سجل التقرير غياب تدريس مادتي تاريخ وجغرافية فلسطين في مدارس الأنروا، وهو أمر يفصل هؤلاء الطلاب عن تاريخ وجغرافية وطنهم الفلسطيني.
وعن ثقة الكادر التعليمي بمدارس ومراكز الأنروا أشار التقرير الى ان نسبة تزيد عن 50% من أبناء الهيئة التدريسية لا يلتحقون بمدارس الأنروا. وهو ما يعني غياب الثقة بمدارس الأنروا من قبل الهيئة التدريسية التي باتت تشعر بأن العمل التربوي أصبح عملا وظيفيا فقط عارضة في سبيل الدفاع عن ذلك عشرات الحجج.
وعن القرار الذي أثار الجدل الواسع، يتحدث التقرير عن مبادئ عامة لحقوق الإنسان وعن المآخذ عليه. وقد أكد التقرير أن العنف اللفظي والجسدي ضد الطلاب أمر ترفضه مبادئ وقواعد حقوق الإنسان وكذلك اتفاقية حقوق الطفل الدولية، لكن السؤال المطروح بقوة كيف نطبق هذا القرار، وهل البئية الفلسطينية أو حتى العربية صالحة لتطبيق مثل هكذا قرارات؟ وإذ اكد التقرير أن هناك فرق كبير بين الحزم الذي ينبغي على المدرس أن يتصف به، وبين العنف، فإن القرار الأخير خلط بين الأمرين، وبات أي إجرا ء تربوي يتبعه المدرس تحت المحك. وعن المآخذ على القرار، يشير التقرير إلى أن قيمة المدرس بين الطلاب والأهل باتت في الحضيض، وبات المدرس عرضة للسخرية والتندّر، ولم يعد قادرا على ضبط العملية التعليمية بأي شكل من الأشكال. فالأنروا تستخدم العصا الغليظة بحق أي مدرس ينتهك هذا القرار، وقد تصل العقوبة الى حد الفصل. كما أن هذا القرار أفرغ المجتمع الفلسطيني من روح التغيير والبناء حيث أن المدرس رأس الحربة في هذا الأمل. كما أثار هذا القرار حالة من الفوضى العارمة في مدارس الأنروا، وأظهر هذا القرار المدرس أمام الطلاب والإدارة التعليمية على أنه متهم حتى يثبت عكس ذلك. وفي معرض سرد المآخذ على القرار، يذكر التقرير أن هناك انتهاكات واسعة لحقوق الطلاب في مدارس الأنروا وحتى في مخيماتهم كان ينبغي التصدي لها بطريقة عملية وواقعية، حيث أن بيئة المخيمات بيئة حرمان وفقر وانتشار أمراض، وأيضا بيئة عنف بين الأطفال انفسهم، وهو ما ذكرته شاهد في دراسة أعدتها تحت عنوان: الطفل الفلسطيني في لبنان: واقع مرير ومستقبل مجهول آب 2008.
وعرض التقرير شهادات من الهيئة التدريسية من مختلف المناطق عن نظرتهم للقرار الأخير، والأحداث التي رافقت تطبيقه، ومدى الضرر الذي لحق بسمعة ومكانة المدرس الفلسطيني.
وختم التقرير بجملة من التوصيات، أبرزها أن العنف اللفظي والجسدي مرفوض وفق مبادئ حقوق الإنسان، ولا بد من وضع حد لأي انتهاك لحقوق الطفل، ويتطلب ذلك عملية تراكمية شاملة تطال المدارس والبيئة التي يعيش فيها الطلاب والمدرسين على حد سواء خصوصا بيئة المخيمات التي تفتقر الى الحد الأدنى من الحقوق. كما طالب التقرير وكالة الأنروا وخصوصا دائرة التربية والتعليم الى النظر بعمق وجدية الى الوضع التعليمي في مدارس الأنروا، ولتجب عن السؤال الكبير: لماذا المستويات التعليمية في مدارس الأنروا تتراجع بشكل دراماتيكي. وهل مثل هذه القرارات وطريقة تطبيقها يعالج هذا الخلل؟
بيروت في 15/12/2008