أحداث مخيم عين الحلوة الأخيرة... هل هي مفتعلة أم فردية؟

أحداث مخيم عين الحلوة الأخيرة... 
هل هي مفتعلة أم فردية؟
ومن يتحمل التبعات الإنسانية الخطيرة لأي اقتتال داخلي؟


إثر أحداث مخيم عين الحلوة الأخيرة، والتي انفجرت بشكل مفاجئ بعد طول هدوء، وأدت الى مقتل الشاب خالد المصري، وإصابة العديد من سكان المخيم، فضلاً عن تخريب الكثير من الممتلكات الخاصة والسيارات وترويع الآمنين من السكان، وبعد أن توقعت "شاهد" حصول مثل هذه الأحداث نتيجة الاستهداف الإعلامي المركز على المخيم من قبل وسائل الإعلام المختلفة، وتصوير المخيم وكأنه قاعدة ارتكاز لجماعة النصرة والقاعدة وغيرها من الجماعات المتشددة، كان لا بد لفريق "شاهد" الميداني من زيارة المخيم والاطلاع عن كثب عما يجرى فيه من أحداث لما تحمله من أبعاد خطيرة على الأمن والسلم الأهلي في المخيم وجواره.

بدأت الجولة مع المسؤول السياسي لحركة حماس في صيدا السيد أبو أحمد فضل في مكتبه في مخيم عين الحلوة، والذي أوضح التالي:
  • بأن المخيم مستهدف منذ زمن، وإن وسائل الإعلام المختلفة تقوم بتلفيق أخبار ليس لها أي أساس من الصحة أو الدقة، خصوصاً إختلاق أخبار بأن جماعة النصرة موجودة في المخيم، وانها ستقوم بعقد مؤتمر صحفي للاعلان عن وجودها ودورها وأهدافها في المستقبل القريب، فضلاً عن أن هناك عناصر تقوم بتهريب السلاح والمتاجرة به وغيرها من الأخبار، وأكد أن هذه الأخبار مختلقة وتصب في خدمة توتير المخيم ومحيطه.
  • أما بالنسبة للأحداث الأمنية التي حصلت مؤخراً، والتي تم خلالها إصابة بلال بدر وشقيقه، وعدد من مناصريه، فإنها جاءت على خلفية فردية بسبب اتهام عائلة عماد السعدي لبلال بدر وجماعته بأنها تقف وراء عملية قتله منذ عدة شهور، وليس للحادث أية أبعاد أمنية أخرى، وقد سقط خلال الاشتباك المسلح قتيل يدعى خالد المصري وحوالي 15 جريح معظمهم لا ذنب لهم، عرف منهم المدرس صالح اليوسف، وإمرأة من عائلة الميعاري وطفل صودف وجودهم في الطرقات والأزقة أثناء الحادث.
  • وفي سياق حديثه نوّه السيد أبو أحمد فضل الى أن المخيم يستضيف حوالي 3000 عائلة من اللاجئين الفلسطينيين المهجرين من سوريا، وهذا الواقع الاجتماعي المستجد فاقم من الأوضاع الإنسانية للاجئين داخل المخيم خصوصاً بسبب ضيق المساحة وازدحام الطرقات وما يسببه ذلك من مشاكل يومية متنقلة، في ظل خدمات الأونروا التي ما زالت على حالها، والتي لم تأخد بالاعتبار الزيادة السكانية والحاجة الماسة لزيادة الخدمات، سواء الطبية منها أم الإغاثة أم عدد عمال التنظيفات أو حتى زيادة ساعات ضخ المياه لتغطية الحاجة.
  • كما أكد السيد فضل أن لجنة المتابعة الفلسطينية في المخيم تعمل على متابعة أي حدث بشكل فوري وتسعى لإيجاد آلية لاستيعاب هذا الحدث وسحب جميع الذرائع التي تسبب التوتر الأمني بين الحين والآخر، كما أنها تسعى لمسح الأضرار وتقدير التعويضات على المتضررين.
كما التقت "شاهد" أمين سر حركة فتح في مخيم عين الحلوة ماهر شبايطة والذي أكد بدوره بأن الحادث الأخير هو فردي بامتياز وليس له أية ارتباطات بما يجري في المنطقة وجوارها وأنه يعود على خلفية ثأر لمقتل عماد السعدي منذ عدة شهور.
وأكد شبايطة على الأمور التالية:
  • حاجة المخيم الى مرجعية أمنية لديها سلطات حاسمة تستطيع تطبيق القانون فوق الجميع دون استثناء.
  • العمل على تسليم أي شخص يرتكب أي إشكال أمني، أو ارتكب أي جرم، للقضاء اللبناني.
  • شدد شبايطة على أهمية احترام وتحييد مؤسسات الأونروا كي تسطيع تقديم الخدمات المختلفة لعموم اللاجئين في هذه الظروف الصعبة.
  • تم تكليف لجنة من أصحاب المحلات والممتلكات المتضررة لإجراء مسح للأضرار وتقديرها بشكل موضوعي ليتم إيجاد آلية للتعويض عليهم إن أمكن ذلك.
  • نفي السيد شبايطة إشتراك حركة فتح في الإشكال الأخير منوهاً بأن قائد الأمن الوطني اللواء أبو عرب أصدر تعليمات واضحة بهذا الخصوص، الا أنه قد يكون لبعض العناصر الفردية مشاركة بدون قرار أو توجيه من قيادة الحركة.
  • لمح السيد شبايطة إلا أنه قد يكون لبعض الجهات داخل المخيم ارتباطات خارجية، تعمل على إفشال الجهود الصادقة من جمع الأطراف لتحييد المخيم والحفاظ على الأمن والإستقرار.
أما الشيخ جمال خطاب مسؤول الحركة الإسلامية المجاهدة في المخيم فقد أوضح التالي:
  • إن ما حدث يعود على خلفية مقتل عماد السعدي مرافق مسؤول الكفاح المسلح الفلسطيني سابقاً العميد محمود عيسى "اللينو" وإن عائلة السعدي تتهم بلال بدر بذلك، لذلك أقدم أحد أفراد عائلة السعدي بإطلاق النار من مسدسه الرشاش باتجاه بلال بدر وإصابته بجروح، وتم نقله الى مستشفى الأقصى للعلاج.
  • إن الحدث الأخير له ارتباطات بجهات إقليمية، قامت بتمويل بعض الجهات داخل المخيم وذلك من خلال تزويدهم بالأموال وغيرها لخلق حالة من عدم الاستقرار في المخيم.
  • دخول بعض الأشخاص والذين لديهم إرتباطات سياسية وتنظيمية واضحة بتوتير الوضع الأمني وذلك من خلال إطلاق الرصاص باتجاه المدنيين في السوق وفي محيط مسجد الفاروق، وإصابة ستة أشخاص بجروح مختلفة متجاوزين المساعي التي بذلت ليلاً لوقف الاشتباكات بين الطرفين.
  • اعتبر الشيخ جمال خطاب أن التركيز الإعلامي على المخيم له نتائج سيئة من خلال تضخيم الأحداث الأمنية، وتصدير المخيم على أنه بؤره يأوي مجموعات متشددة خارجة عن القانون وتهدد الأمن والسلم الأهلي في لبنان. وأن أحداث أمنية كثير أكثر خطورة خارج المخيم لا يتم تسليط الضوء عليها بهذه الطريقة.
أما المسؤول في عصبة الأنصار أبو طارق السعدي، فقد أوضح التالي:
  • إن الحدث الأخير يعتبر في سياق الأحداث الفردية، والتي تم استغلالها من قبل بعض الأطراف التي تود البروز بعد أن تم تهميشها في الفترة الأخيرة.
  • إن القوى الإسلامية في المخيم والمتمثلة بالحركة الإسلامية المجاهدة، وعصبة الأنصار وحركة حماس وحركة الجهاد الإسلامية، تلعب دوراً ضامناً للأمن والاستقرار في المخيم وفي مدينة صيدا عموماً.
  • اعتبر أبو طارق أن بروز جهود القوى الإسلامية في الصدارة لحل الكثير من المشاكل المحلية داخل المخيم والجوار، جعل بعض القوى الأخرى تستاء، وتعتبر أن هذه الجهود تهدف الى إقصائها وأخد دورها، وبالتالي لن تألوا جهداً من افتعال المشاكل المتعلقة هنا وهناك وبين الفينة والأخرى.
  • أكد أبو طارق السعدي أن توجه القوى الإسلامية عموماً، وعصبة الأنصار خصوصاً بعدم الدخول في قتال أي طرف في لبنان، وأكد نبذه للتحريض المذهبي والطائفي في لبنان، وأن هدفه النهائي هو القدس وفلسطين، وإن يد عصبة الأنصار ممدودة لمن يقاوم إسرائيل من قوى فلسطينية ولبنانية.
  • تسعى عصبة الأنصار لبناء علاقات وطيدة مع جميع القوى والجهات الفلسطينية واللبنانية الرسمية والخاصة.
  • أخيراً أكد السيد أبو طارق على المسلمات التالية:
  1. لا لترويع الآمنيين من سكان المخيم تحت أي ظرف من الظروف.
  2. لا لزج المخيمات تحت أي شعار، في المشاكل اللبنانية الداخلية.
  3. لا للاقتتال المذهبي السني الشيعي في لبنان مهما كلف الثمن.

توصيات المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان "شاهد":
  1. إن افتعال المشاكل الأمنية واستخدام السلاح في الشوارع والأزقة وترويع الآمنين وتهديدهم، هو إنتهاك صارخ لحقوق الإنسان وكذلك لمبادئ الدين الإسلامي الحنيف، وبالتالي المطلوب إيجاد مرجعية سياسية وأمنية مشتركة تعمل على حفظ الامن والاستقرار في المخيمات وتتواصل مع الجهات الرسمية اللبنانية بهذا الخصوص.
  2. رفع الغطاء عن كل مخل بالأمن والاستقرار وتسليمه الى الجهات القضائية الرسمية لينال عقابه.
  3. منع العبث المالي من قبل بعض الجهات الإقليمية والمحلية مستغلة الفقر والحاجة لدى اللاجئين الفلسطينيين، والتي تستهدف تنفيذ مخططات ومشاريع مشبوهة تؤدي الى تهجير اللاجئين الفلسطينيين من مخيماتهم ومنازلهم "نهر البارد نموذجاً".
  4. المطالبة بتحمل الأونروا والدولة اللبنانية ومختلف القوى والفصائل الفلسطينية لمسؤولياتها تجاه اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات، والسعي الدائم لتخفيف معاناتهم اليومية، وإيجاد آلية واضحة لمساعدة النازحين الفلسطينيين من سوريا وإيوائهم وإغاثتهم.
بيروت في 19/3/2013
المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد)