بيانات صحفية

من أجل تصحيح المسار وترشيد مشروع إعمار نهر البارد؟

من أجل تصحيح المسار وترشيد مشروع إعمار نهر البارد؟

بعد سنة كاملة على حرب مخيم نهر البارد التي أدت إلى تدميره تدميراً كاملاً، سينعقد مؤتمر المانحين في فيينا يوم الإثنين في 23/6/2008، حيث سيطلب لبنان والأنروا مبلغ 455 مليون دولار من أجل إعمار المخيم ومحيطه على مدى ثلاث سنوات على الأقل.
في 113 صفحة، باللغة الإنكليزية، صدر المشروع المقدّم تحت عنوان  A common challenge.. A shared Resposibility إلى مؤتمر المانحين في فيينا، والذي طلب مبلغ 450 مليون دولار.

ملاحظات على المشروع
 
المشروع يقلّص عدد البيوت المخيم بنسبة تتراوح بين 22-25%، حيث لم يعد مسموحاً لأي شخص أن يمتلك بيتين في المخيمين القديم، وعليه أن يختار بينهما، وبذلك يخسر مباشرة نصف ما يملك، مع ملاحظة أن المخيم الجديد لا يخضع لخدمات الأونروا إلا مؤقتاً. وبالتالي سيخسر صاحب البيت في المخيم الجديد أيضاً خدمات الأونروا، ثم سيكون ملحقاً بالبلديات المجاورة وينطبق عليه ما ينطبق على الفلسطيني من قوانين منع التملك وغيرها، (وهناك وعدٌ بإعادة النظر في وضع الفلسطينيين المقيمين في المخيم الجديد).
 
لا تقتصر خسارة البيوت على الحاضر بل ستزداد لاحقاً، بسبب عدم إمكانية البناء، كما كان يحدث سابقاً. ففي ظل قوانين «منع التملك»، كان الفلسطيني إذا أراد تزويج ابنه يبني له بيتاً فوق بيته، أما مع هذا المشروع فقد خسر الفلسطيني الهواء وشَغْلِه ببناء آخر، وخسر المجتمع الفلسطيني إمكانية التمدد والزيادة. وبذلك لن تزيد منذ الآن منازل المخيم القديم عن 4591 وحدة سكنية و800 محل تجاري و 22 مؤسسة.
المشروع اعتمد مساحة تتراوح بين 80 و100 متر مربع كحد أقصى للشقة. أي أن العائلة المكوّنة من «الحد الأقصى» ستحصل على شقة بمساحة مئة متر مربع فقط.. وهذا يعني أن المستقبل الذي ينتظر هذه العائلات في مساكنها يُخطّط له أن يكون قاسياً، بل ضيّقاً.
 
كما أن المشروع لا يراعي البُعد الاجتماعي لسكان المخيم (مجتمع قروي أسري). قديماً كان يسكن في كل حيّ من المخيم أبناء القرية نفسها (الصفوري، سعسع، الدامون، لوبية،..)، وكانت بيوت الأقارب متلاصقة، أما الآن فسيتحكم بالتوزيع مساحة الشقق (80-100 متر مربع)، حيث سيتم التوزيع بالقرعة حسب حجم العائلة، وليس حسب القرابة أو البعد الاجتماعي للعلاقات.. مع العلم أن الأنروا وعدت بمراعاة ذلك في التوزيع لاحقاً (وليس بالبناء)، ولكن من دون التزام.
 
وقد تخوفت جهات فلسطينية مطلعة على مجريات التخطيط والتخمين من طريقة توسيع المبالغ الواردة في المشروع حيث إن نسبة دمار المخيم تصل إلى 90%، في حين أن ما سيخصص لإعمار هذا الدمار لا يتجاوز النصف، وأن قسماً كبيراً من الأموال سيستخدم لتطوير «المحيط» وتحسينه، وهذا «المحيط» يمتد من بلدية حلبا (عند الحدود السورية) حتى بلدية البداوي (عند أطراف طرابلس). أو من أجل خطة أمنية تضمن السيطرة على المخيم وبناء مقرّ لقوى الأمن الداخلي المولجة شؤون المخيم..
 
بالتدقيق في مراحل العمل وتوزيع الأموال والإنجاز، سيتبين أن الأولوية ليست للبدء بالإعمار، بل إن التوزيع يتم على النسبة الموضوعة للإعمار في تلك المرحلة. فلو حصلت الجهات المشرفة علة نصف المبلغ العام، فسيحسم نصف المبلغ المخصص للإعمار كما سيحسم نصف المبلغ المخصص لغير الإعمار، وبالتالي لن يكتمل الإعمار إلا باكتمال المبالغ الممنوحة كاملة.
 
الموازنة المطلوبة
 
لدى قراءة الموازنة المُعدّة لهذا المشروع، يتبين لنا أن المرحلة الأولى والتي تبلغ قيمتها 45 مليون دولار، لن تتضمن تخصيص دولار واحد في عملية بناء المخيم، بل سيذهب منها خمسة ملايين من أجل بناء مقرّ قوى الأمن الداخلي في المخيم وتدريب العناصر. ومبلغ 9.75 مليون دولار، مخصص للأراضي التي سيجري الإعمار عليها، وسيُخصص 30 مليون دولار لتنمية المناطق المجاورة والمحيطة (وليس المخيم).
وهكذا تنتهي المرحلة الأولى بصرف المال على الأمن وعلى المجتمع المحيط لكي «يتقبل وجود المخيم قربه»..
 
المرحلة الثانية
 
مجموع ما سيصرف في المرحلة الثانية سيكون 277 مليون دولار، سيخصص منها 203.87 مليون دولار لبناء المخيم، منها 168.34 مليون دولار لبناء البيوت والمحلات التجارية. ثم 20.6مليون دولار للبنية التحتية. وخصص للنثريات 1.7 مليون دولار.
أما بقية مبالغ المرحلة الثانية فهي 73.13 مليون دولار فسيذهب معظمه إلى بناء البنية في محيط المخيم، وإلى منظمات المجتمع المدني، وبرامج اجتماعية واقتصادية. ويخصص من هذا المبلغ 9.9 مليون دولار، هي مصاريف مباشرة لفرق عمل الأنروا وشركة المشروع الإداري العالمي المشرفة على المشروع.
 
المرحلة الثالثة
 
تم تخصيص 133 مليون دولار لهذه المرحلة، منها 127.77 للمخيم الجديد (100.36 مليون دولار للمنازل والمحلات المتضررة كلياً أو جزئياً، و22.55 مليون للبنى التحتية في الأطراف، و4.85 تكاليف إشراف وإدارة للانروا وجهة مراقبة المشاريع والمصاريف). وما تبقى هو 5.05 مليون دولار ستخصص كتعويضات عن أضرار لحقت بمخيم البداوي نتيجة استضافته لنازحي البارد.
 
أرقام وتساؤلات
 
  1. يبلغ مجموع الفارق في المبالغ الإجمالية والتفصيلية 560 ألف دولار ليست مبنّدة في جدول الصرف، لم يظهروا في تدوير الأرقام ولا في مصاريف إضافية قدّرتها الجهات المعنية. وتتوزع على الشكل التالي: في المرحلة الأولى 250 ألف دولار. وفي المرحلة الثانية 130 ألف دولار، 180 ألف دولار.
  2. تستفيد الأنروا في عملية إعادة الإعمار في أكثر من مجال، منها إعمار مجمعاتها بطريقة بكلفة مضافة على المشروع، وكان يفترض أن يتم ذلك من ميزانية الأنروا الأساسية، وذلك بمبالغ تقدر بعشرات الملايين من الدولارات. فضلاً عن منظمات أهلية ستخصص لها مباني مؤهلة وأموالاً تعويضية أخرى.
  3. تتقاضى الأنروا من الإشراف على المشاريع تكاليف مباشرة بقيمة 7% من المراحل التي تشرف عليها، وتصل في مجملها إلى 21.26 مليون دولار.
  4. هناك 9.9 ملايين دولار لفرق عمل شركة المشروع الإداري العالمي والأنروا.
  5. في المرحلة الثالثة، تتقاضى شركة التدقيق المحاسبي 3 ملايين دولار، والتصميم الهندسي 1.3 مليون دولار.
جدول توزيع الموازنة المفترضة (المبالغ بالمليون)
 
 

المرحلة

الإجمالي

التفصيلي

ملاحظات

1-

45

تحضير بيئة أمنية واجتماعية مناسبة للمخيم

14.75

أراضي المخيم ومبنى قوى الأمن وتدريبها

30

تحسين ظروف العيش في المناطق المحيطة

2-

277

مخصصة للمخيم القديم وإعماره

203.87

إعمار المخيم القديم

25.54

بنى تحتية ومدمعات الأونروا والـ NGO's

37.56

برامج اجتماعية واقتصادية

9.90

مصاريف مباشرة للأنروا والشركة المشرفة وبرامج الدعم

3-

133

إعادة تأهيل المخيم الجديد ومخيم البداوي

127.77

لتأهيل المخيم الجديد

5.05

مخيم البداوي

455

454.44

الفارق بين المبالغ التفصيلية والإجمالية = 560 ألف دولار

 
 
 أعد القراءة في المشروع المقدم للدول المانحة الأستاذ ياسر علي.
 
مؤسسة شاهد لحقوق الإنسان
بيروت في 22/6/2008