الاعتقال الإداري جريمة ضد الإنسانية (شاهد) تدعو لتحرك دولي لتحقيق العدالة للمعتقلين الفلسطينيين

(شاهد)

الاعتقال الإداري جريمة ضد الإنسانية

أكثر من 8700 أمر اعتقال إداري إسرائيلي بحق فلسطينيين منذ 2015

دعوة لتحرك دولي لتحقيق العدالة للمعتقلين الفلسطينيين

مقدمة:

لم يكن الاعتقال الإداري حديث عهد في التاريخ الفلسطيني مع الاحتلال الإسرائيلي ، بل نشأ هذا النوع من الاعتقال إبان الانتداب البريطاني لفلسطين ، ومارسه الاحتلال الإسرائيلي ضد المناضلين الفلسطينيين الذين لم يثبت بحقهم أي مخالفات معينة، وأنتقل مع انتهاء الانتداب البريطاني لأرض فلسطين إلى الاحتلال الإسرائيلي بعد ذلك ، والأمر كله لا يحتاج إلا لجرة قلم من ضابط المخابرات الإسرائيلي يقول فيها : "أن الشخص المعتقل يشكل خطراً على أمن المنطقة " والتي تعتبر كافيه لتغييب الإنسان الفلسطيني خلف القضبان لفترات زمنية تصل لسنوات عديدة، وتستخدم السلطات الإسرائيلية هذا النوع من الاعتقال بشكل موسع لا كإجراء احترازي وإنما كعقوبة وزيادة في معاناة الإنسان الفلسطيني وأفراد عائلته.

قال خبراء حقوقيون تابعون للأمم المتحدة أن الحكومة الإسرائيلية تستخدم الاعتقال الإداري كوسيلة للسيطرة السياسية منذ بداية احتلال الأرض الفلسطينية في عام1967. وأشاروا إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يواصل استخدام الاعتقال الإداري لسجن أكثر من 500 فلسطيني في انتهاك للقانون الدولي – بينهم ستة أطفال – دون توجيه اتهامات، وبدون محاكمات ودون إدانات، وجميعها تستند إلى معلومات سرية لا يمكن للمعتقلين الوصول إليها." وأضافوا أن الاحتجاز التعسفي للأطفال "أمر مقيت بشكل خاص" لأنه ينتهك المعايير الدنيا المنصوص عليها في اتفاقية حقوق الطفل.

إن الممارسات الإسرائيلية للاعتقال الإداري تدفع بالأسرى إلى اتخاذ إجراءات يائسة، وحتى المخاطرة بحياتهم، للفت الانتباه إلى محنتهم ومعاناتهم.

أولاً: لماذا هذا التقرير؟

· الاعتقال الإداري لا يتناسق بموجب الأوامر العسكرية الإسرائيلية مع القوانين والمعايير الدولية ذات العلاقة.

· يواصل المعتقلون الإداريون مقاطعتهم لمحاكم الاحتلال بدرجاتها المختلفة لليوم الـ 140على التوالي، وذلك في إطار خطة نضالية لمواجهة جريمة الاعتقال الإداري.

· يبلع عدد المعتقلين الإداريين حاليا قرابة 500 معتقل كما صدر 8700 أمر اعتقال إداري إسرائيلي بحق فلسطينيين منذ 2015.

· نفّذ الأسرى الإداريين منذ أواخر 2011 وحتى نهاية 2021 أكثر من 400 إضراب فردي عن الطعام، إضافة إلى آخر جماعي خاضه المعتقلون عام 2014، واستمر 62 يوما.

· الإجابة عن التساؤلات القانونية بلغة قانونية رصينة ووضع الخيارات القانونية الممكنة بشكل موضوعي دون مبالغة.

· إيجاد ثقافة قانونية متخصصة تطلع القارئ العربي والغربي ويدرك الابعاد المختلفة للصراع مع الاحتلال الإسرائيلي من اجل وصولها لكافة المنابر المحلية والإقليمية والدولية

ثانياً: ما هو الاعتقال الإداري:

يُطلق الاعتقال الإداري على قيام سلطة ما باعتقال شخص ما دون توجيه تهمة معينة أو لائحة اتهام بحقه الشخص المعتقل، ويبرر هذا الفعل بأنه جاء بناءً على ملفات سرية استخبارية، أو بسبب عدم وجود أو نقص الأدلة ضد الشخص المعتقل، ويمارس الاحتلال الإسرائيلي هذا النوع من الاعتقال ضد السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة ، تتراوح مدة الاعتقال الإداري من شهر إلى ستة أشهر قابلة للتجديد دون تحديد عدد مرات التجديد [1].

الاعتقال الإداريّ بحُكم تعريفه هو حبس شخص دون محاكمة بدعوى أنّه يعتزم في المستقبل الإقدام على فعل مخالف للقانون، دون أن يكون قد ارتكب بعد أيّة مخالفة. ولأنّ الحديث يجري عمّا يبدو كخطوة وقائية فإنّه لا يوجد وقت محدّد لفترة الاعتقال. يجري الاعتقال الإداري دون محاكمة استنادًا إلى أمر يصدره قائد المنطقة وباعتماد أدلّة وبيّنات سرّية - لا يطّلع عليها حتّى المعتقل نفسه.

هذا الإجراء يجعل المعتقل في وضع لا يُحتمَل إذ يقف عاجزًا في مواجهة ادّعاءات لا يعرفها وبالتالي لا يملك طريقة لتفنيدها ودحضها بلا لائحة اتّهام ولا محاكمة وبالتالي دون إدانة ودون أن يعرف متى سيتمّ إطلاق سراحه ويشير مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة أن الاحتلال إسرائيلي يستخدم إجراء الاعتقال الإداري على نحوٍ جارف بشكل روتينيّ بحيث اعتقلت على مرّ السنين آلاف الفلسطينيين لفترات طويلة سالبة منهم إمكانية الدفاع عن أنسفهم أمام المزاعم السريًة الموجهة ضدهم.[2].

ثالثاً: المسوغ القانوني للاعتقال الإداري:

ترجع القوانين العسكرية الإسرائيلية المتعلقة بأوامر الاعتقال الإداري إلى قانون الطوارئ الانتدابي لعام 1945، ويستند القائد العسكري الإسرائيلي في غالبية حالات الاعتقال الإداري على مواد سرية، وهي بالأساس مواد البينات ضد المعتقل، والتي تدعي السلطات الإسرائيلية عدم جواز كشفها حفاظاً على سلامة مصادر هذه المعلومات، أو لأن كشفها قد يفضح أسلوب الحصول على هذه المواد، وقد أقرت المحكمة العليا الإسرائيلية في حالات عدة جواز إمكانية عدم كشف هذه البينات، وعدم إلزام السلطة باحترام حق المشتبه به بالحصول على إجراءات محاكمة عادلة، بما يعد انتهاكاً لحق المعتقل الإداري في معرفة سبب اعتقاله، فمن حق كل شخص أن يعرف سبب اعتقاله، وتنص المادة 9(2) من العهد الدولي المذكور "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية" على ما يلي: "يجب إبلاغ كل شخص يقبض عليه بأسباب القبض عليه لدى وقوعه، ويجب إبلاغه على وجه السرعة بأية تهمة تُوجَّه إليه".

تدعي سلطات الاحتلال أنه بموجب المادة 78 من اتفاقية جنيف بشأن حماية الأشخاص المدنيين وقت الحرب (1949) -الاتفاقية الرابعة-، يحق لها أن تقوم باحتجاز الأشخاص الخاضعين لسلطتها تحت الاحتلال للاعتقال الإداري.

تنص المادة 78 من اتفاقية جنيف الرابعة على "إذا رأت دولة الاحتلال لأسباب أمنية قهرية أن تتخذ تدابير أمنية إزاء أشخاص محميين، فلها على الأكثر أن تفرض عليهم إقامة جبرية أو تعتقلهم". سنوضح فيما يلي كيف أن الاعتقال الإداري الذي تقوم به سلطات الاحتلال يختلف شكلاً ومضموناً عما ورد في اتفاقية جنيف.

تتنافى الظروف التي تقوم سلطة الاحتلال فيها باستخدام هذا الأسلوب من الاعتقال والإجراءات مع الشروط بموجب الاتفاقية الدولية والمعايير الدولية الأخرى للمحاكمة العادلة، فالواضح أن الاتفاقية تتحدث عن الاعتقال الإداري في حالة طارئة جداً وكوسيلة أخيرة لا مفر منها، وإذا كانت هناك الإمكانية لفرض الإقامة الجبرية فلها الأولوية لأنها أقل ضرراً بالشخص.

رابعاً: الاعتقال الإداري كإجراء عقابي

لا تكتفِ سلطات الاحتلال باعتقال المئات من المدنيين الفلسطينيين إدارياً دون تهمة أو محاكمة، بل وتسعى لتجديد اعتقالهم الإداري بشكل متواصل ولمرات عديدة، دون أن يعلم المعتقل تاريخ الإفراج عنه، حيث يصدر أمر تجديد المعتقل الإداري قبل أيام قليلة من موعد الإفراج عنه، أو في ذات اليوم المقرر فيه الإفراج عنه، وسبق وأن اتبعت دولة الاحتلال سياسة الإفراج عن المعتقل بعد انتهاء أمر الاعتقال الصادر بحقه وأصدرت أمر اعتقال آخر وهو على باب السجن، ليعاد اعتقاله وزجه في المعتقل بعد دقائق من الإفراج عنه. كما ونتيجة لعمل مؤسسة الضمير القانوني، ورصدها وتوثيقها لانتهاكات الاحتلال بحق المعتقلين والأسرى الفلسطينيين، رصدت مؤخراً تزايد سياسة الاحتلال في إصدار أوامر اعتقال إداري بحق أسرى فلسطينيين أنهوا فترة اعتقالهم بناء على لائحة اتهام، أو أن تقوم بإصدار أمر اعتقال إداري بحق المعتقل، وعند انتهاء مدة أمر الاعتقال الإداري تقوم بتقديم لائحة اتهام بحقه ليتم محاكمته عليها3.

خامساً: التوصيات

امام ما تم عرضه بما يقوم به الاحتلال الإسرائيلي من تصرفات تخالف كافة المعاير الحقوقة والانسانية وتخالف القوانين الدولية نؤكد على ما يلي:

1.العمل على إرسال لجنة دولية للاطلاع عن كثب واقع الأسرى في سجون الاحتلال.

2.دعوة المجتمع الدولي إلى ضرورة التحرك الجدّي والفعّال لوقف السياسات الإسرائيلي المخالفة للقوانين الدولية.

3.العمل على تفعيل أدوات المسائلة والمحاسبة الدولية لضمان حقوق ضحايا انتهاكات قوات الاحتلال.

المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد)



[1]دراسة بعنوان : ما هو الإعتقال الإداري ؟ إصدار مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان ، 27/4/2014 .

[2]بتسيلم ، الاعتقال الإداري،https://www.btselem.org/arabic/administrative_detention