(تقرير حقوقي)

المسنون الفلسطينيون في لبنان

 يستبدلون الدواء بالدعاء  ويقاومون تحديات الواقع بأمل وتفاؤل

(تقرير حقوقي)

"أنام على وجع وأستيقظ على وجع" هذا ما قاله اللاجئ الفلسطيني المسن محمد عليان وقد  رفض الاستسلام أو الوهن بانتظار يد حانية تكفكف وجعه الدفين.

الحاج محمد يعاني من تليف في الرئتين وضيق في التنفس وأوجاع في الظهر والربو لم يعد باستطاعته شراء أدويته الأساسية التي أصبحت باهظة الثمن فاستبدلها بدعاء إلى السماء رفعه  بيدين تجاعيدها تحكي حكاية الزمان الصعب.

 

أولا: لماذا هذا التقرير:

إن فئة المسنين الفلسطينيين هي الفئة الأكثر ضعفاً و تحتاج الى مساعدة ورعاية خاصة، حيث لا توجد مؤسسات رعائية. كما أن الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تعصف بلبنان أصابت اللاجئين الفلسطينيين بشكل عام والمسنين منهم بشكل خاص بمزيد من الهشاشة والتهميش. وليسة ثمة تقارير تتحدث عن هذه الفئة. من هنا تكمن أهمية هذا التقرير لتذكر  كل الجهات المعنية بمسؤولياتها الأخلاقية والقانونية.

ثانيا: أعداد المسنين الفلسطينيين في لبنان:

يعتبر المسنون الفلسطيينون ركيزة  المجتمع الفلسطيني وأحد أهم أعمدة توازنهالمجتمعي، حيث يشكل كبار السن (50 سنة وما فوق) نسبة 6.6 %من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بحسب التعداد السكاني للاجئين  الفلسطينييين الذين يبلغون حوالي 174 الف نسمة و الذي أجري عام 2017. [1] .  (علما أن إحصاءات الأونروا تشير إلى رقم يفوق ال500 ألف لاجئ).

ثالثا: المسنون وأزمة كورونا:

واجه ويواجه المسنون الكثير من التحديات والآلام في حياتهم من نكبةٍ وتهجير وحروب أهلية فقدوا فيها أغلى ما يملكون، ناهيك عن معاناة اللجوء المتراكمة والحرمان من أبسط حقوق الانسان.

ولعل العامين الماضيين (2020و 2021) كانان الأشد قسوة على المسنين الفلسطينيين في لبنان.  إن ابرز التحديات في هذا الخصوص هي أزمة كورونا التي  ترافقت جنبا إلى جنب مع الأزمة الاقتصادية الحادة. باتت هذه الفئة من الشعب الفلسطيني في مواجهة مباشرة  مع فايرس كورونا وآثاره. إن مناعة فئة المسنين ضعيفة مقارنة مع الفئات العمرية الأخرى وبالتالي هي عرضة للإصابة أكثر من غيرها. كما أن الوصول إلى المراكز الصحية بات أكثر  صعوبة هذا ان فتحت هذه المراكز أبوابها وتوفرت لها الأدوية اللازمة، أو كان لدى هذه الفئة الامكانية المالية لشرائها أساسا. وانعكست هذه الأزمة بشكل خطير على واقع المسنين، بحيث تعذرت السبل أو تعقدت الوسائل إلا من دعاء ومساعدة بعض أهل الخير.

رابعاً: كيف يتعامل المسنون مع أزمة الدواء؟

بدأت ملامح أزمة نقص الأدوية تظهر منذ الحراك الشعبي في 17 تشرين اول عام 2020.  ثم تطورت هذه الأزمة مع  أزمة كورونا ثم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الحادة التي عصفت بلبنان.    بدأ الغطاء الذي توفره الدولة اللبناينة للعديد من الأدوية ينكشف شيئا فشيئا لا سيما عن أدوية الأمراض المزمنة. وتمثلت الأزمة بأمرين الأول فقدانها من الأسواق والصيدليات ثم ارتفاع سعرها بشكل جنوني.  

يعيش كبار السن الفلسطينيين في لبنان هذا الواقع الصعب بكل تفاصيله، حيث  يعجز بعضهم عن شراء الدواء فيختار الأدوية الأقل تكلفة.

 في الماضي كانت 300 ألف ليرة تكفي لشراء 12 نوع من الدواء تقريباً، بعضها قد يدوم لأكثر من شهر مثل الفيتامين د. والحديد، أما اليوم فتبلغ تكلفة هذه الأدوية أضعافاً عما كانت به من قبل، حيث أصبح المسن  يحتاج الى ما يُقارب مليون وستمائة ألف ألف ليرة لبنانية شهرياً (1600000ل.ل). هذه التكلفة مرشحة للارتفاع يوميا.

جدول يبين ارتفاع أسعار الدواء التي يحتاجها المسنون الفلسطينيون

 

نوع الدواء

سعره قبل الأزمة

سعره حاليا

1

دواء الضغط

18000 ل.ل

127000 ل.ل

2

دواء الكوليسترول

22000 ل.ل

110000 ل.ل

3

دواء السكري

76000 ل.ل

460000 ل.ل

4

دواء القلب

25000 ل.ل

177000 ل.ل

5

دواء منع تشكل الجلطات الدموية

26000 ل.ل

186000 ل.ل

خامساً: مبادئ الأمم المتحدة المتعلقة بكبار السن:

اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة "مبادئ الأمم المتحدة المتعلقة بكبار السن" من خلال  قرار هام يحمل الرقم (46/91 )   في 16 كانون الثاني/ديسمبر 1991.  وتقع المبادئ الــ 18 ضمن أربعة أبواب وهي الاستقلالية، المشاركة، الرعاية، تحقيق الذات والكرامة ،  وذلك  لإيلاء هذه الفئة اهتماما خاصا  حيث أكدت على حقوق كبار السن بالحصول على الرعاية الصحية لمساعدتهم على حفظ أو استعادة المستوى الأمثل من السلامة الجسمانية والذهنية والعاطفية، ولوقايتهم من المرض أو تأخير إصابتهم به  وشجّعت الحكومات على إدراجها في خططها الوطنية.

 

سادساً: أهم الخلاصات المتعلقة بواقع المسنين الفلسطينيين في لبنان:

·       انعكست أزمة لبنان الاقتصادية والاجتماعية بشكل مباشر على فئن المسنين لجهة توفير الأدوية والكهرباء والماء وغيرها من الاحتياجات الأساسية.

·       تركت أزمة كورونا انعكاسات مباشرة على فئة كبار السن من اللاجئين الفلسطينيين.

·       ليس ثمة برامج للأونروا مختصة بالمسنين الفلسطينيين في لبنان.

·       تعمل الأونروا أحياناً على تحويل البعض منهم إلى بعض مراكز الرعاية وبالعجزة وخصوصاً الذين ليس لديهم أبناء أو معيلين، أو الذين يعانون من أمراض نفسية وعصبية (مركز دير الصليب نموذجاً).

·        لا يوجد اهتمام مباشر من جهة منظمة التحرير الفلسطينية بفئة المسنين.

·       تقدم منظمات المجتمع المدني خدمات لكنها لا ترقى للمستوى المطلوب.

·       توجد مبادئ الأمم المتحدة المتعلقة بكبار السن ومن المهم أن تعمل وكالة الأونروا على تطبيقها.

 

سابعاً: أبرز التوصيات:

انطلاقاً  من عملها الحقوقي في رصد ومتابعة حقوق اللاجئين الفسليطنييين في لبنان، وانطلاقا من المعطيات الواردة  المتعلقة بفئة كبار السن من اللاجئين الفسلطينيين لجهة واقعهم واحتياجاتهم، تطالب المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد) بما يلي:

1.      تطالب وكالة الأونروا الى الاهتمام المباشر بفئة المسنيين الفلسطينيين والعمل على توفير الرعاية الصحية لهم بما فيها توفير الأدوية الأساسية وتقديم مساعدات مالية شهرية لهم.

2.      تطالب الدولة اللبنانية، (الوزارات المعنية)، بشمول المسنين الفلسطينيين بالرعاية اللازمة.

3.      تطالب المنظمات الدولية العاملة في لبنان بتقديم مساعدات عاجلة ومستدامة إلى اللاجئين الفلسيطنيين بمن فيهم فئة كبار السن، والتنسيق مع مؤسسة الأونروا ومؤسسات المجتمع المدني بهذا الخصوص.

4.      تطالب الفعاليات السياسية والمجتمعية الفلسطينية بإقامة برامج رعائية خاصة لفئة كبار السن.

 

بيروت في7/1/2022

المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان- شاهد