من المسؤول عن حقوق موظفي الأونروا في لبنان في سلسلة الرتب والرواتب؟

تقرير يتابع موضوع حقوق موظفي الأونروا في سلسلة الرتب والرواتب التي أقرتها الدولة اللبنانية في 2017\8\21 ولم يستفد منها موظفو الأونروا بالشكل المماثل الذي استفاد منه موظفو القطاع العام في لبنان أو موظفو الأونروا في الأقطار الأربعة الأخرى.

وكان حراك المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد) بعد مطالبات متعددة من موظفين في الأونروا شكلوا لقاءا أسموه ا للقاء التشاوري وطالبوا فيه (شاهد) بتبني قضيتهم والدفاع عنها.

وقد أجرت (شاهد) سلسلة لقاءات وحوارات وتابعت البيانات والتصريحات وخلصت إلى هذا التقرير.

وسوف تتابع (شاهد) توصيات هذا التقرير مع اتحاد موظفي الأونروا في لبنان الذي تم انتخابه مؤخرا.

 

حزيران 2019


 

من المسؤول عن حقوق موظفي الأونروا

في لبنان في سلسلة الرتب والرواتب؟

 

تقرير حقوقي

 

وكالة الأونروا هي وكالة تابعة  للأمم المتحدة  تهدف إلى إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى، تأسست بموجب القرار رقم 302 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 8 كانون الأول 1949، وتعمل الأونروا على  تقديم المساعدة والحماية وكسب التأييد لحوالي خمسة ملايين لاجئ من فلسطين في الأردن ولبنان وسورية والأراضي الفلسطينية المحتلة وذلك إلى أن يتم التوصل إلى حل لمعاناتهم، وتشتمل خدمات الوكالة على التعليم والرعاية الصحية والإغاثة والبنية التحتية وتحسين المخيمات والدعم المجتمعي والإقراض الصغير والاستجابة الطارئة بما في ذلك في أوقات النزاع المسلح. ويتم تمويلها بشكل كامل تقريبا من خلال التبرعات الطوعية للدول الأعضاء في الأمم المتحدة.

 

يعمل لدى الأونروا ما يزيد على 30,000 موظف وموظفة، معظمهم من اللاجئين الفلسطينيين أنفسهم بالإضافة إلى عدد قليل من الموظفين الدوليين، ويتراوح عدد الموظفين المحليين في إقليم لبنان حوالي 3,000 موظف وموظفة.  [1]

 

في لبنان أقرت الدولة اللبنانية [2] عبر مؤسساتها الدستورية قانون السلسلة الجديد في 2017\8\21وبحسب الأعراف المعمول بها لدى أنظمة الأونروا الإدارية والمالية كان ينتظر موظفو الاونروا في لبنان أن ينطبق عليهم ما ينطبق على الموظف اللبناني من زيادات على الرواتب.

فما هي سلسلة الرتب والرواتب؟ وهل طبقت الأونروا قانون السلسلة للموظفين للمواءمة مع قانون الدولة المضيفة؟ وهل قام اتحاد موظفي الاونروا في لبنان بدوره من أجل تطبيق السلسلة لموظفي الاونروا؟

السلسلة هي نظام للموظفين وللعمل في الدولة، ويعتمد القطاع العام في لبنان في تقويمه للموظفين على نظام الرتب وهو نظام هيكلي يقسم الموظفين الى فئات وضمن كل فئة هناك درجات، ويحدد الراتب على اساس الراتب والدرجة، فيرقى الموظف على سلم الفئات طبقاً لجدارته ولعلمه. أما كسبه للدرجات فيكون بحكم الأقدمية أي عدد السنوات.

يستفيد من السلسلة الموظفون والمتعاقدون والأجراء في الادارات العامة، وفي الجامعة اللبنانية والبلديات والمؤسسات العامة غير الخاضعة لقانون العمل وأفراد الهيئة التعليمية في وزارة التربية والتعليم العالي والمعلمون في المدارس الخاصة.

سجلت الدولة اللبنانية آخر إقرار شامل لسلسلة الرتب والرواتب في عام 1988، ولم يحظ الموظفون منذ ذلك التاريخ بأي زيادة على الأجر حتى عام 2008.  وفي هذا العام صدر مرسوم زيادة الأجور للقطاع الخاص واستفاد منه موظفو القطاع العام، وبعد المطلبة العمالية والنقابية بتصحيح الأجور وما رافق تلك المطلبة من تحركات واعتصامات أقر المجلس النيابي السلسلة الأخيرة في 21 /8/2017.

أقرت الدولة اللبنانية سلسلة الرتب والرواتب التى من المفترض ان تطبق على جميع المعنيين في البلد وكان ينص على الشكل التالي:

ينص قانون رقم 46 تاريخ 21/8/2017 على رفع الحد الادنى للرواتب والأجور وإعطاء زيادة غلاء "المعيشة" للموظفين والمتقاعدين والأجراء في الإدارات العامة وفي الجامعة اللبنانية والبلديات واتحادات البلديات والمؤسسات العامة غير خاضعة لقانون العمل وتحويل رواتب الملاك الإداري العام وأفراد الهيئة التعليمية في وزارة التربية والتعليم العالي والأسلاك العسكرية، وذلك بمفعول رجعي من آب 2017. [3]

وتكون الزيادة للموظف بين 600 دولار وما يزيد عن المليون ليرة لبنانية وفقاً لدراسة الاتحاد للجداول التي أقرتها الدولة في قانون السلسلة لحساب الزيادة لكل موظف. [4]

رفضت وكالة الأونروا في البداية إقرار السلسلة، لكن بعد عدة تحركات للموظفين والاتحاد للمطالبة بتطبيق السلسلة أسوة بزملائهم اللبنانيين، قررت إدارة الاونروا انتداب لجنة UNOPS  (united nations office for project services ) من أجل اجراء مسح للرواتب، فقامت هذه اللجنة وبمشاركة إدارة الأونروا ومندوبين عن الاتحاد بزيارات للوزارات وجمعت البيانات والمعلومات وغادرت لبنان يوم الجمعة 12/10/2018.

وفي 13/1/2019، أي بعد ثلاثة أشهر من تاريخ المسح، عقد في عمان اجتماع ضم مكتب المفوض العام ومسؤول المالية العامة والموارد البشرية والجهة التي أجرت مسح الأجور مع وفد من المجلس التنفيذي وبحسب المعطيات التي عرضت من طرف لجنة المسح فقد جاءت النتيجة مخيبة للآمال ودون الحد الأدنى من طموحات الموظفين كما سجل الاتحاد وجود ثغرات كبيرة في المعطيات والتي قدمتها لجنة المسح والإدارة. [5]

 

اتحاد الموظفين في الاونروا

في البداية رفض اتحاد الموظفين هذه النتائج، فجرت مفاوضات بينه وبين إدارة الأونروا. وفي تاريخ 19/2/2019 أعلن الاتحاد  في بيان له عن قبوله بنتائج المفاوضات والتي تنص على تطبيق الزيادة في شهر آذار 2019  وسيكون الحد الادنى للزيادة 250 الف ليرة لبنانية على الراتب والحد الاقصى 525 الف ليرة لبنانية اعتبرتها علاوة مقطوعة بطريقة انتقائية وبمفعول رجعي من بداية سنة 2019، [6]  

 

اللقاء التشاوري

نتيجة القصور الواضح الذي لمسه الموظفون في أداء اتحاد الموظفين في الدفاع عن حقوقهم الخاصة بالرتب والرواتب، تداعى موظفون متجردون الى اجتماع نهار الأحد في بيروت بتاريخ 18\2\2019 [7] هو اجتماع مرحلي ومفتوح لكل الموظفين وهو لا يتشكل من كتل سياسية انما من عموم الموظفين وهو تجمع مطلبي وعرف باللقاء التشاوري لموظفي الأونروا في لبنان.

صدر عن اللقاء التشاوري بيانات عديدة أكدت على التمسك بإقرار سلسلة الرتب والرواتب كاملة كما أقرتها الدولة منذ شهر آب 2017، واعتُبر الاتحاد أنه عاجز عن حماية حقوقهم وأن طريقة التفاوض مع إدارة الأونروا لم تتسم بالصرامة والجدية، بل بالتسويات غير المرضية، وأنه لم يكن يمثل السد المنيع أمام تغول إدارة الأونروا على حقوقهم. ونفذ الموظفون تحت اللقاء التشاوري سلسلة اعتصامات في كافة المناطق اللبنانية.  معظم هذه التحركات كان بعيدا عن رعاية ومناصرة اتحاد الموظفين.

 

إدارة الأونروا

بعد سلسلة من الاعتصامات والبيانات المتوالية التي كان يُفترض ان تحقق مكاسب كبيرة للموظفين، أجرى الاتحاد مع إدارة الاونروا حوارات حول الموضوع. وخلصت الحوارات إلى معطيات محددة أكدت إدارة الأونروا من خلالها أن العلاوة ستصرف في شهر آذار لتشمل الشهر الأول والثاني من العام الجاري 2019 وبحسب جدول العلاوات الخاص المعلن عنه فإنه لا يوجد أي مجال للتعديل أو التفاوض على الرغم من اعتراض الموظفين.

بعد اعتراض الموظفين المتضررين هدد مسؤول هيئة العاملين في وكالة الأونروا وكبير المستشارين في المكتب التنفيذي للأونروا السيد حكم شهوان في منشور له على مجموعة "صفحة التواصل بين الادارة والعاملين في وكالة الغوث" بتجميد تنفيذ دفع العلاوات لمن لديه اعتراض أو رفض.

 

 

وقد سجلت المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد) الخلاصات التالية:

·        تجاهلت إدارة الأونروا في لبنان حقوق الموظفين لديها، ولم تقم بمواءمة التعديل على سلسلة الرتب والرواتب الذي جرى في الدولة المضيفة مع موظفيها. ولم تلتفت إلى نداءات الموظفين إلا بعد سلسلة مذكرات واعتصامات للموظفين المتضررين. ولم يكن التعديل واضحا وشفافا كما لم يكن عادلا.

·        لم يقم الاتحاد بدوره النقابي على الوجه الأمثل ولم يكن مدافعا عنيدا عن حقوق الموظفين، وتجاهل لأكثر من أربعة أشهر حقوقهم وانتظر طيلة هذه الفترة حتى صدر تقرير لجنة المسح الذي رفضه الموظفون المتضررون.

·        لم تكن إدارة الأونروا ولا اتحاد الموظفين شفافا لا في عمليات الحوار ولا مع مخرجاته. حيث لم يتم الإعلان عن أية نتيجة تم التوصل إليها.

·        ان اتحاد الموظفين كان يخوض حوارات مع الأونروا وهو منتهي الولاية القانونية (يفترض أن تجري انتخابات اتحاد الموظفين في لبنان في كانون أول 2018، حيث تم تمديدها ستة أشهر)، الأمر الذي يثير علامات استفهام كبيرة، فكيف لاتحاد انتهت ولايته القانونية أن يمثل الموظفين خير تمثيل في أي عملية تفاوض؟

·        إن ما حصل في زيادة السلسلة مع موظفي الأونروا يتعارض مع قانون سلسلة الرتب والرواتب في لبنان، ويتناقض مع قانون الأونروا او الأعراف المعمول بها بالمواءمة مع الدولة المضيفة.

·        إن غياب الشفافية واضحة في كل المراحل فاعتبار إدارة الأونروا أن هذه الزيادة "علاوة" أي ليست من صلب الراتب، سيجعلها عرضة للإلغاء في أي وقت كما أنها لا تدخل ضمن التعويض، كما أن غياب أي معيار واضح لهذه الزيارة يجعلها زيادة استنسابية تخضع للمزاجية والمحسوبيات.

·        ان انتداب الأونروا لجهة خارجية من أجل اجراء المسح هو خطأ تتحمل الوكالة مسؤوليته، اذ ان قسم التعويض في ادارة الموارد البشرية هو المسؤول عن اجراء مسح الرواتب والذي يمتلك جميع الخبرات اللازمة في عملية المسح.

·        ان هذا التقرير هو بصدد الترجمة لأكثر من لغة وذلك لمخاطبة منظمة العمل الدولية والمنظمات الحقوقية الدولية وكذلك الجهات المسؤولة ذات الصلة في الأمم المتحدة.

·        التهديدات التي تعرض لها الموظفون من قبل مسؤول هيئة العاملين في وكالة الأونروا وكبير المستشارين في المكتب التنفيذي للأونروا السيد حكم شهوان والتي كانت تهدد لقمة عيشهم في حال طالبوا بحقوقهم تتعارض مع حرية التعبير الواردة في الشرعة الدولية لحقوق الإنسان لا سيما المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الانسان لعام 1948 وكذلك المادة 19 والمادة 25 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966 يفوق التفويض المعطى له في وظيفته كونه موظف مؤسسة دولية تلتزم بالقوانين الدولية

التوصيات

·        ندعو إدارة الأونروا الى المواءمة مع قانون الدولة المضيفة والعمل على أن تكون الزيادة تعادل مثيلاتها بحسب سلم الرتب والرواتب التي أقرتها الدولة اللبنانية ورفض اعطاء زيادة مقطوعة للعاملين.

·        ندعو إدارة الاونروا أن تكون الزيادة على سلسلة الرواتب والرواتب متزامنة مع التاريخ الذي حددته الدولة اللبنانية وأن يحصل الموظفون على الأثر الرجعي منذ 21/8/2017.

·        ندعو إدارة الأونروا الى احترام حقوق الموظفين في التعبير والابتعاد عن لغة التهديد والترهيب، ومحاسبة أي موظف أي كانت رتبه ومسؤوليته استخدم هذا الأسلوب.

·        ندعو اتحاد الموظفين الى القيام بدوره الكامل الذي انتخب لأجله وهو العمل على تحقيق مطالب الموظفين وخاصة فيما يخص السلسلة كاملة غير منقوصة.

·        العمل على انجاز ومراجعة الدراسات المقدمة حول سلسلة الرتب والرواتب من خلال لجان متخصصة.

·        ندعو الدول المانحة الى زيادة التمويل للأونروا وإلزامهم بمنح الموظفين مستحقاتهم من العلاوات والدرجات الوظيفية أسوة بزملائهم في الدولة المضيفة.

·        ندعو منظمة العمل الدولية الى الضغط على وكالة الأونروا من أجل الالتزام بالمبادئ الدولية لتحسين أوضاع العمال وعلى رأسها "اتفاقية الحرية النقابية وحماية حق التنظيم النقابي لعام 1948"

المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد)

بيروت 13/6/2019


[2] جريدة الاخبار، رسم قانون سلسلة الرتب والرواتب الرقم 46 (21/8/2017)، 4/12/2018،  انظر الى الرابط https://al-akhbar.com/Community/262612

[3] الجامعة اللبنانية مركز الابحاث والدراسات في المعلوماتية القانونية، انظر الى الرابط http://www.legallaw.ul.edu.lb/Law.aspx?lawId=273210

[4] جداول سلسلة الرتب والرواتب، انظر الى الرابط http://www.arrakeeb.com/business/220820170124/

[5] ذكرت هذه المعلومات في البيانات التي صدرت عن اتحاد موظفي الأونروا في لبنان

[6] بحسب بيان صدر عن اتحاد موظفي الاونروا بتاريخ 19/2/2019

[7] لاجئ نت، اللقاء التشاوري لموظفي الأونروا في لبنان يطالب اتحاد الموظفين بتحمل مسؤولياته وتحقيق مطالب الموظفين، 18/2/2019، انظر الى الرابط http://laji-net.net/arabic/default.asp?ContentID=56827&menuID=21