مذكرة احتجاج مقدمة للحكومة المصرية

مذكرة احتجاج مقدمة للحكومة المصرية من مؤسسات حقوقية وأهلية فلسطينية في لبنان
في ظل الحصار الإسرائيلي، وعدم فتح معبر رفح بانتظام
الجدار الفولاذي الذي تبنيه مصر على حدود قطاع غزة انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني
 
أثار الجدار الفولاذي الذي تبنيه جمهورية مصر العربية حول حدودها مع قطاع غزة جدلا قانونيا وسياسيا، وتزامن هذا الجدل الواسع مع مرور عام على الحرب الإسرائيلية على غزة واستمرار الحصار الإسرائيلي وعدم البدء بإعادة إعمار ما دمرته آلة الحرب الإسرائيلية. وينظر حقوقيون الى بناء مصر جداراً فولاذياّ تحت الأرض لمنع تمرير المواد الغذائية والدوائية والتي يتم إدخالها عبر الأنفاق لسكان قطاع غزة المحاصرين من قبل الإحتلال الإسرائيلي، بمثابة جريمة ضد الإنسانية، أو جريمة إبادة. ومع أن السلطات المصرية كانت قد أبدت تحفظا شديدا في بداية الأمر على تقارير اشارت الى أنها بدأت فعلا ببناء الجدار الفولاذي بدعم من الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا، إلا أنها عادت وأكدت صحة هذه التقارير تحت حجة أن ذلك يتم بموجب ممارسة السيادة المصرية.
إننا كمؤسسات حقوقية ولجان أهلية وروابط طلابية نؤكد أن قطاع غزة لا يزال تحت الإحتلال الإسرائيلي، وأن الإحتلال مسؤول من الناحية القانونية عن حماية المدنيين وتوفير الرعاية لهم. لكن العالم أجمع شاهد جرائم الإحتلال الإسرائيلي بحق سكان قطاع غزة، كما أن الإحتلال الإسرائيلي لا يحترم القانون الدولي الإنساني، وهو يمارس جرائم حرب متواصلة، عبر الحصار الخانق، وعبر الحرب. وهو لا يزال يمعن في التضييق على الفلسطينيين منذ أكثر من ثلاث سنوات.
إننا إذ نحتج اليوم أمام السفارة المصرية فإننا نذكرها بأن قطاع غزة يحتاج إلى ان تنظر الحكومة المصرية بعين الرحمة والإنسانية لمليون ونصف المليون فلسطيني يرزحون تحت حصار خانق قاتل، لا أن تساهم في الضغط عليهم.
إن ما تقوم به السلطات المصرية من إغلاق شبه دائم لمعبر رفح باعتباره المعبر البري الوحيد مع العالم الخارجي، دون المعابر مع دولة الاحتلال، ومن ثم جعله ممرا للأفراد فقط، يشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي الإنساني، ويقد يصنف على أنه جريمة ضد الإنسانية، بسبب إمكانية توفر العناصر المكونة للجريمة الإنسانية.
إن ممارسة السيادة لدولة من الدول لا يعني الإمعان في انتهاك حقوق الإنسان، خصوصا إذا كان الأمر يتعلق بسكان قطاع غزة المحاصرين منذ سنوات. كما أن بناء الجدار الفولاذي على الأراضي المصرية يتعارض مع روحية اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 الذي وقعت عليها الحكومة المصرية في وقت مبكر. كما أن مؤسسة الأزهر وهي مؤسسة حكومية تتلقى التوجيهات من الحكومة المصرية قد أخطأت حينما شرعت بناء الجدار وجعلته ضمن ممارسة السيادة. إن الدين الإسلامي الحنيف هو دين التسامح والسلام والرحمة.
 
إننا نذكر الحكومة المصرية أنها سوف تكون شريكة في حصار قطاع غزة، وعليها مسؤولية قانونية:
تتحمل جمهورية مصر العربية مسؤولية واضحة بهذا الخصوص لجهة مساهمتها الفعالة في حصار قطاع غزة عبر إغلاقها معبر رفح بشكل شبه دائم. وتعتبر أحكام "اتفاقية جنيف الرابعة" والتي وقعت عليها جمهورية مصر العربية مبكرا، ذات طبيعة آمرة ولا يجوز إبرام اتفاقية تناقضها، أو ممارسة أي إجراء يتعارض مع أحكامها. وترجع المسؤولية المصرية الى عدم تحركها الواضح لوقف جريمة الحرب المتمثلة بالحصار الإسرائيلي والذي تسبب بوفاة أكثر من 360 مدني فلسطيني. إذ كان من الممكن عندما تجد مصر ان انتهاكا صارخا لقواعد القانون الدولي الإنساني كونها احد الأطراف المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 أن تتحرك لوقف جريمة الحرب هذه. إن التبريرات المصرية لا تستند الى أي قاعدة قانونية، بل إن الموقف المصري هو موقف سياسي لا يتطابق مع القانون الدولي، وأساء الى سمعة مصر كثيرا، وقرنه في بعض الاحيان وبشكل أو بآخر مع ممارسات الإحتلال الإسرائيلي.
لقد انتهكت الحكومة المصرية القانون الدولي الإنساني عندما أغلقت معبر رفح :
 
أولا: إن مصر بامتناعها عن فك الحصار عن الفلسطينيين، فإنها بذلك تكون قد ساعدت طرفاً دولياً هو إسرائيل على تهديد حياة مدنيين أبرياء بما يتناقض مع بنود الاتفاقية التي تلزمها بالتصدي لكل طرف يقوم بانتهاك أحكامها.
ثانيا: تقاعس الحكومة المصرية عن نجدة طرف دولي وقع عليه الانتهاك.
ثالثا: التهرب من مسؤولياتها إزاء قطاع محاصر لا يمتلك منفذا غير الأراضي المصرية.
 
إن قطاع غزة هو أراضي محتلة بموجب القانون الدولي الإنساني وبموجب قرارات دولية عديدة وعليه فإن على المجتمع الدولي أن يساعد سكان هذا القطاع المحتل من التخلص من الإحتلال بشتى الوسائل الممكنة. إن على جميع دول العالم بما فيها مصر، بمُـوجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (3103) المؤرخ في 12 ديسمبر 1973، أن تمد الفلسطينيين بكل ما يحتاجونه لدحر الإحتلال عنهم.
 
ونذكر الحكومة المصرية أيضا، أن المعبر الوحيد بين قطاع غزة ومصر هو معبر رفح، وهو يعمل حسب ما تقرر السلطات المصرية ذلك. ونتيجة لهذا الواقع الصعب، تنشط عمليات إدخال المواد الغذائية والأدوية من خلال الأنفاق المنتشرة تحت الحدود. وتكاد تكون هذه الأنفاق الشريان الوحيد الذي يبقي المدنيين في قطاع غزة قيد الحياة. إن بناء الجدار الفولاذي يعني أن حياة المدنيين في قطاع غزة في ظل الحصار الإسرائيلي باتت في خطر حقيقي.
 
إن بناء الأنفاق بين الحدود المصرية والفلسطينية هو نتيجة حتمية للحصار الإسرئيلي أولا، ونتيجة لعدم فتح معبر رفح بشكل دوري ثانيا.
 
وإزاء ما سبق فإننا كمؤسسات حقوقية ولجانه أهلية وأطر طلابية نطالب السلطات المصرية بما يلي:
 
أولا: ان تتحمل السلطات المصرية مسؤولياتها تجاه الحصار الإسرائيلي الخانق على قطاع غزة قانونيا وسياسيا، كون جمهورية مصر العربية هي الدولة الوحيدة التي تجاور قطاع غزة المحتل.
ثانيا: أن تفتح معبر رفح بشكل فوري وبانتظام لتمكين السكان المدنيين من التنقل للطبابة والتعلم، ولإدخال المواد الغذائية والطبية اللازمة.
ثالثا: أن تسهل السلطات المصرية مرور قوافل الإغاثة الى قطاع غزة.
رابعا: أن توقف قادة اسرائيليين متهمين بارتكاب جرائم حرب ضد الفلسطينيين.
 
بيروت في 15/1/2010
المؤسسات الحقوقية واللجان الأهلية والأطر الطلابية الفلسطينية في لبنان