بيانات صحفية

(شاهد) تحمل الاحتلال الاسرائيلي مسؤولية استشهاد الأسير ناصر أبو حميد وتدعو إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية للوقوف على الانتهاكات الاسرائيلية الممنهجة بحق الأسرى

تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي التضييق على الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في سجونها غير آبهة بأوضاعهم الصحية ودون توفيرٍ لأدنى مقومات الرعاية الطبية اللازمة. ليصل عدد الأسرى الذين استشهدوا داخل سجون الاحتلال إلى 233 شهيدًا منذ العام 1967 بينهم 74 أسيراً نتيجةً للاهمال الطبي. كان آخر ضحايا هذه السياسة الأسير الفلسطيني ناصر أبو حميد (50 عاما) في مستشفى "أساف هروفيه".

وكانت سلطات الاحتلال قد نقلت ظهر الاثنين، الأسير أبو حميد بشكل عاجل من سجن الرملة إلى مستشفى أساف هروفيه، بعد تدهور حالته الصحية، ليعلن لاحقاً عن ارتقائه شهيداً في 20 كانون الأول 2022.

توكد المؤسسة الفلسطينية لحقوق الانسان على حق الفلسطينيين في الحياة والرعاية الطبية اللازمة على أنها حقوق غير قابلة للتعليق بغضّ النظر عن وضعية حاملها وبمنأى عن طبيعة مكان وزمان وجوده؛ وبمعزل عن الأسر. وتدين تعسّف الاحتلال في التعاطي مع الأسرى الفلسطينيين ضاربةً عرض الحائط المواثيق والاعراف الدولية.

يذكر أن الوضع الصحي للأسير قد بدأ بالتدهور بشكل واضح منذ شهر أغسطس/آب العام الماضي 2021، حيث بدأ يعاني من آلام في صدره ليتبيّن أنه مصاب بورم في الرئة.

وأعيد نقل الأسير الفلسطيني إلى سجن عسقلان، ما نتج عنه تدهور لحالته الصحية، وبعد إقرار الأطباء بضرورة إخضاعه للعلاج الكيميائي، جوبه الأمر بمماطلة طويلة ليسمح له في الآونة الأخيرة بتلقّي العلاج وذلك بعد أن كان المرض قد تفشّى في جسده.

وكان الشهيد ناصر أبو حميد قد اعتقل للمرة الأولى عندما كان في الثالثة عشرة من عمره، كما وحاول الاحتلال اغتياله أكثر من مرة ثم اعتقل برفقة أخيه نصر في مخيم قلنديا ليحكم عليه بالسجن لـ7 مؤبدات و30 عامًا.

إن النّظر في محطات حياة الأسير الشهيد تلخّص معاناة الانسان الفلسطيني المستهدف على كافة الاصعدة والمحروم من حقه في حياة عادلة ومستقرة. فهو شقيق الشهيد عبد المنعم أبو حميد وشقيق الأسير نصر المحكوم عليه بخمسة مؤبدات وشريف المحكوم عليه بأربعة مؤبدات ومحمد المحكوم عليه بمؤبدين وثلاثين عاما وإسلام المحكوم عليه بمؤبد وثمانية سنوات. وقد هدم الاحتلال منزل عائلته 5 مرات، ومنعت والدته من زيارته لسنوات، حتى أنه لم يتمكن من المشاركة في تشييع جثمان والده الذي توفي وهو داخل أروقة السجن.

وكانت هيئة شؤون الأسرى والمحررين قد حذّرت سابقاً من استشهاد الأسير أبو حميد في أي لحظة نظراً لاوضاعه الصحية الصعبة، وحملّت سلطات الاحتلال المسؤولية عن وفاته جرّاء ما وصفته بـ"سياسة القتل الطبي المتعمد".

ووفقاً لهيئة شؤون الاسرى والمحررين فإن السجون الاسرائيلية تفتقر لأدنى مقومات العلاج اللازم للأسرى الفلسطينيين وتنتهك أبسط حقوقهم الصحية.

وتجدر الاشارة الى إن سلطات الاحتلال تنتهج سياسة الإهمال الطبي المتعمّد لتحييد الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين واذلالهم وعائلاتهم، والتي ما هي الا صورة من صور البطش الاسرائيلية.

إن هذا الانتهاك الجسيم بحق الأسرى الفلسطينيين يشكل خرقاً واضحاً للعديد من الحقوق الأساسية التي يكفلها كلّ من الاعلان العالمي لحقوق الانسان والقانون الدولي الانساني، والتي تحتم وضعِيَة الأسر إيلائها اهتماماً خاصاً من قبل قوات الاحتلال، بصفتها الجهة الحاجزة لحريتهم.

وفقاً للمادة 3 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان لعام 1948 فإن لكل انسان الحق في الحياة والحرية والسلامة على شخصه. وتكفل الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري لعام 1969، الحق في التمتع بخدمات الصحة العامة والرعاية الطبية لكل إنسان دون تمييز بسبب العرق أو اللون أو الأصل القومي أو الاثني.

وتلزم اتفاقية جنيف بشأن معاملة أسرى الحرب للعام 1949 في المادة 15 منها الدولة التي تحتجز أسرى الحرب بإعاشتهم دون مقابل وبتقديم الرّعاية الطّبية التي تتطلبها حالتهم الصحية مجاناً.

هذا وتنص الاتفاقية عينها على ضرورة توفير عيادة مناسبة يحصل فيها الأسرى على العناية الطبية؛ على أن ينقل الأسرى المرضى ممن تتطلب حالتهم الصحية علاجاً خاصاً أو اجراء عملية جراحية إلى وحدات للعلاج، وعلى الزامية مراقبة الأوضاع الصحية للأسرى عن طريق إجراء فحوص دورية لهم.

 وتضمن اتفاقية جنيف الرابعة الحق في الرعاية الطبية والمتابعة الدائمة لأوضاع المعتقلين الصحية أثناء فترة اعتقالهم. اذ تقع على عاتق الجهة الحاجزة مسؤولية توفير الرعاية الصحية الضرورية لمن قُيّدَت حريتهم بواسطتها.

إن الحق في الحياة وما يستلزمه من الحق في الرعاية الصحية هو أحد الحقوق الأساسية للانسان التي يتمتع بها بصفته إنساناً  والتي كفلها كلٌّ من القانون الدولي لحقوق الانسان، والقانون الدولي الانساني.

للأوضاع الصحية للأسرى الفلسطينيين، الكفيلة بتهديد حياتهم  وما يسفر عنه من وفاة العديد منهم.

وفي ضوء ذلك تدين المؤسسة الفلسطينية لحقوق الانسان (شاهد) سياسة الإهمال الطبي الممنهجة والمتعمَّدة من قبل إدارة السجون الاسرائيلية الكفيلة بتهديد حياتهم مع ما يسفرعنها من وفاة العديد منهم في انتهاكٍ صارخ للقانون الدولي ولا سيما الحق في الصحة وتدعو إلى ما يلي:

1.      دعوة  الأمم المتحدة إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية خاصة للوقوف على ملابسات الإنتهاكات الإسرائيلية بحق الأسرى الفلسطينيين وخاصةً المرضى

2.      الضغط على سلطات الاحتلال لتوفير الضمانات الأساسية للأسرى الفلسطينيين والتي تنبع من التزاماتها كسلطة احتلال بموجب القانون الدولي.

3.      دعوة اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى متابعة الحالة الصحية للأسرى وإحالة الانتهاكات التي تطالهم الى المنظمات الحقوقية للضغط على إدارة السجون وتلافي وفاة الأسرى نتيجة الاهمال الطبي


المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد)

بيروت في 22 -12-2022