بيانات صحفية

(شاهد): إدارة التعليم في الأونروا تهدد المعلمين بسبب ممارسة حقهم في حرية التعبير ودعوة للعودة فوراً عن هذا القرار لمخالفته للقوانين والأعراف الدولية


بدأ العام الدراسي في 14/9/2022 متعثراً بعقبات عديدة كانت المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد) قد أشارت اليها في بيان سابق[1]؛ ولاسيما اكتظاظ الصفوف بأعداد كبيرة من الطلاب تجاوزت ال 50 طالبا في بعضها، والنقص الكبير في الاحتياجات المدرسية ومشكلة تعذر نقل الطلاب المستمرة منذ العام الماضي.

وفي هذا السياق شهدت مدارس الأونروا تحركات احتجاجية مارستها الأطر الطلابية والأساتذة والفعاليات الشعبية بهدف تحسين البيئة التعليمية، وقد آزر اتحاد المعلمين الأهالي في هذه التحركات المطالبة بحقوق الطلاب والأساتذة على حد سواء. ويذكر أن هذه التحركات استمرت لمدة شهر تقريبا مع تأكيد المجتمع المحلي واتحاد المعلمين أن هذه الاعتصامات هي خطوة أولية قابلة للتصعيد إن لم تتجاوب الأونروا مع مطالبهم.

في 11/10/2022 أصدر الاتحاد بيانا أوضح فيه أنه سيتخذ خطوات تصعيدية نتيجة عدم استجابة الأونروا واستمرارية تعثر العملية التعليمية، فبدأ باعتصام مفتوح في المكتب الرئيسي لوكالة الأونروا في بيروت بدعم ومشاركة من الأساتذة والروابط الطلابية والفعاليات الشعبية. وقد آزرتهم اللجان وبعض الأهالي فعملوا على إغلاق أبواب المكتب من الخارج. ويذكر أن الاحتجاجات لم تشهد أية أعمال عنف أو تخريب.

استمر الاعتصام لمدة 4 أيام وأعلن الاتحاد عن فضّه يوم الجمعة الموافق 14/10/2022 بعد أن تلقى وعوداً من إدارة الأونروا بإيجاد حلول فورية للعقبات المذكورة وخصوصاً مشكلة اكتظاظ الصفوف، حيث أكدت الإدارة أنها ستباشر بتشعيب الصفوف بشكل عاجل.

في 18/11/2022 أرسلت إدارة الأونروا رسالة تحذيرية لـ 19 معلما بسبب تغيّبهم عن دوامهم دون إبلاغ مرؤوسيهم والحصول على إذن، مشيرة إلى عدم التزامهم بالقواعد والأحكام الخاصة بالوكالة وإظهار سلوكيات غير مسؤولة. والجدير بالذكر أن أحد الأساتذةتلقى إنذارا رغم أنه لم يتغيب عن دوام عمله في الايام التي لحظها الإنذار، مما يثير تساؤلات عن آلية إرسال هذه الإنذارات وما هو المعيار الذي استندت إليه إدارة الأونروا في توجيه هذه الإنذارات.

وقد أصدر الاتحاد بيانا بهذا الخصوص، عبر فيه عن استيائه من هذا الإجراء، مؤكدا أنه قام بهذه الخطوات الاحتجاجية سعيا للحفاظ على حقوق المعلمين في بيئة تعليمية فاعلة تراعي حاجات الطلاب وتضمن استمرار الصفوف ووصول الكفايات التعلمية المطلوبة.

تؤكد المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد) على حق المعلّمين المشروع في الاعتصام والتظاهر السلمي للمطالبة بظروف تعليمية مؤاتية، حيث يكفل الدستور اللبناني في المادة 13 منه حرية إبداء الرأي ضمن دائرة القانون، تكريساً لما نصت عليه مقدمته من احترام لحرية الرأي (الفقرة ج). ما يتماشى مع المبادئ الأساسية التي كرستها المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948 والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966.

إن الأحكام القانونية التي سبق ذكرها تحمل صفة إلزامية، ليس بسبب طبيعتها القانونية فحسب بل بطبيعتها العرفية أيضا. إن وكالة الأونروا تجسد المقاصد الأخلاقية والحقوقية للأمم المتحدة، وهي ملزمة باحترام هذه الأحكام لا بانتهاكها.

ووفقاً للمادة 11 من النظام الأساسي للاتحاد العام للمعلمين الفلسطينيين، فإن مهام الاتحاد تشتمل على تحسين الظروف المهنية للمعلمين الفلسطينيين. وعلى الاتحاد دعم هذا الحراك المطلبي الذي يندرج نشاطه ضمن المهام الأساسية له والتي تصب في إطار تحسين الظروف المهنية للمعلمين في ظل إجراءات تعرقل العملية التربوية وتثقل كاهل الكادرالتربوي.

وحراك معلمي الأونروا مع ما يشكلونه من عنصر فاعل في لجنة الموظفين المحليين في الوكالة ينصب في خدمة أهداف هذا الاتحاد من "حماية وصون حقوق الموظفين و تحقيق مصالح الموظفين من ناحية تحسين ظروف عملهم"، والتي كرسها قانون اتحاد الموظفين في الوكالة في المادة الثانية منه.

إن الحراك وبمعزل عن المطالبة بظروف مؤاتية للطلاب تضمن سلامة العملية التعليمية وتراعي الاحتياجات السيكولوجية الأساسية للمتعلمين، فإن الأساتذة يطالبون بأبسط الحقوق البديهية لأي إنسان: "العمل في ظلّ بيئة عمل منتجة ".

من جهة أخرى، فإنه وفقاً للمقرر الخاص المعني بالحق في التعلم كيشور سينغ، فإن "نسبة الطلاب للمدرسين في الصفوف" تعدّ معياراً أساسياً لتقييم مستوى الخدمات التعليمية لما لها من تأثير مباشر على أداء كلّ من المدرسين والطلاب، ما انعكس على صورة نتائج غير مرضية في الشهادة المتوسطة مقارنةً بالسنوات الماضية[2].

أين هي الأونروا من اعتماد السياسات المثلى في العملية التعليمية وفقاً للمعايير الدولية في الوقت الذي تعمد فيه إلى زيادة عدد الطلاب في الصفوف بما يتجاوز النسب المعمول بها في الدول النامية ذات الاكتظاظ السكاني الشديد. فمعدل الطلاب في المدارس الرسمية اللبناني يتراوح بين 11 و 27 طالباَ للصف الدراسي تختلف باختلاف المرحلة التعلمية وفقاَ لاحصائات رسمية.[3] هذا وتوصي اليونيسف بأن تهدف البلدان تدريجياً إلى ألا تزيد نسبة التلاميذ إلى المعلمين عن 20 طفلاً لكل معلم.

هذا وإنه بالنظر إلى إرشادات كتيب المعلمين الصادر عن وكالة الأونروا (البنود 54-55) فإنها تحمل قيماً أساسية ومبادئ توجيهية تتضمن إلزامية العمل على خدمة لاجئي فلسطين بنزاهة مع مراعاة احترام حقوق الإنسان وحقوق اللاجئين الفلسطينيين. وما جاء فيه من حث المعلمين على "إظهار الشجاعة في اتخاذ قرارات صعبة ومواقف غير مسبوقة واتخاذ إجراءات فورية في حالات السلوك غير المهني."

هنا ندعو الوكالة إلى مراجعة كتيب الإرشادات الصادر من قبلها والالتزام بما جاء فيه ؛ والتي كرسّت بموجبه واجب المعلمين في التصدي لهكذا إجراءات غير مهنية تتخذها إدارة التعليم والتي تهدد مصير آلاف التلامذة وحقهم في الحصول على تعليم ذي نوعية. يتضح لنا أن هناك عشوائية وغير عقلانية في إرسال الإنذارات تتعارض مع المبادئ الأساسية التي تحكم عمل الأمم المتحدة وجميع هيئاتها لناحية العدالة في فرض العقوبات وأن لا تتعدى المنتهكين.

إننا، في المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد)،اذ نؤكد على حق المعلمين في التظاهر السلمي وحرية التعبير التي يكفلها القانون الدولي لحقوق الإنسان،فإننا نطالب وكالة الأونروا بما يلي:

-العمل على ممارسة مهمتها الأساسية في الحفاظ على كرامة اللاجئين الفلسطينيين بما في ذلك المعلّمين والطلاب

-تنفيذ الوعود التي قطعتها الوكالة لاتحاد المعلمين ولاسيما تشعيب كافة الصفوف

-الالتزام بالتوجيهات التي يعمل المعلمون بناءاً عليها

-الامتثال للمعايير الدولية التعليمية حفاظاً على استمرارية العام الدراسي بالشكل المطلوب

-الدقة والمهنية في التعاطي مع ملف التعليم

-معالجة التخبط الموجود في أروقة إدارة التعليم والذي ينعكس على أدائها ويهدد القطاع التعليمي

-سحب هذه العقوبة لكونها تتنافى مع حقوق الانسان والعمل النقابي والمهني

-عدم استخدام العقوبات التأديبية خدمة للمصالح الشخصية

-ندعو الاتحاد العام للمعلمين الفلسطينيين إلى دعم المطالب واحتضان الحراك

المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد)

بيروت 3/12/2022



[1] https://tinyurl.com/pahrwbacktoschool(شاهد): مع بداية العام الدراسي الجديد لا خطط تعليمية تتماشى مع تحديات الازمة...

[2] راجع تقرير شاهد حول نتائج البريفيه 2022 https://tinyurl.com/Brevet-Results

[3] الجمهورية اللبنانية، المركز التربوي للبحوث والانماء https://www.crdp.org/files/201806270339385.pdf