بيانات صحفية

في اليوم العالمي للإخفاء القسري: سياسات ممنهجة إسرائيلية لتفكيك المجتمع الفلسطيني

في 30 آب/أغسطس من كل عام، يُحتفى باليوم الدولي لضحايا الإخفاء القسري، وهو مناسبة لتسليط الضوء على هذه الجريمة التي تمس مئات الآلاف من الأشخاص حول العالم. وتكتسب هذه القضية أهمية خاصة في فلسطين، حيث يرتكب الاحتلال الإسرائيلي بشكل منهجي جرائم الإخفاء القسري ضد الفلسطينيين.

ووفقًا لتقارير حقوقية، تشمل حالات الإخفاء القسري آلاف الفلسطينيين من الرجال والنساء والأطفال. ومنذ السابع من أكتوبر 2023، تلقت المفوضية السامية لحقوق الإنسان تقارير مقلقة عن حالات "إخفاء قسري" لآلاف الفلسطينيين في شمال غزة. وتشير التقارير إلى أن أكثر من 13,000 شخص في غزة في عداد المفقودين. بعضهم ما زالوا تحت الأنقاض، بينما آخرون قد دفنوا في مقابر جماعية عشوائية والبعض أخفوا قسرا في سجون إسرائيلية، منها سجن "سديه تيمان"، حيث تواترت التقارير عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.

يتم اعتقال هؤلاء الفلسطينيين في ظروف قاسية تتراوح بين الاحتجاز الجماعي في معسكرات مؤقتة إلى الاحتجاز في سجون تحت الأرض. في سجن "سديه تيمان"، المعتقلين يتعرضون للتعذيب الوحشي والإهمال الطبي. وفي ديسمبر 2023، دفعت التقارير عن هذه الانتهاكات منظمات حقوقية إسرائيلية إلى تقديم التماسات للمحكمة العليا الإسرائيلية، طالبت فيها بالكشف عن مصير وأماكن احتجاز مئات الفلسطينيين المخفيين قسرا. استجابت المحكمة بشكل محدود، حيث تم الكشف عن أماكن عدد محدود من المعتقلين، بينما ظل مصير الآلاف مجهولا حتى الان. هذه الممارسات ليست فقط انتهاكات للقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، بل تعكس أيضا سياسة ممنهجة تهدف إلى تفكيك النسيج الاجتماعي الفلسطيني.

تم تنفيذ عمليات الاعتقال بعد أن نزح المدنيون من منازلهم خلال الهجمات الإسرائيلية. تم اقتيادهم إلى أماكن غير معلنة، حيث تعرضوا للتعذيب، بما في ذلك الاعتداء البدني، الإهانة، والاحتجاز في ظروف غير إنسانية.

حدثت معظم حالات الإخفاء القسري هذه بعد السابع من أكتوبر 2023، مع بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. هذه الفترة شهدت زيادة ملحوظة في عمليات الاعتقال الجماعي والإخفاء القسري للفلسطينيين، خاصة في شمال غزة حيث أفادت التقارير بأن القوات الإسرائيلية نفذت عمليات اعتقال جماعي واستهدفت المدارس والملاجئ التي لجأ إليها السكان.

تهدف إسرائيل من خلال هذه الممارسات إلى قمع وإضعاف المجتمع الفلسطيني عبر زرع الخوف وتفتيت الروابط العائلية والاجتماعية.

والنساء الفلسطينيات يواجهن تحديات مضاعفة في هذا السياق، حيث يلعبن دورا محوريا في البحث عن مصير أبنائهن وأزواجهن. وكثيرا ما يتعرضن للمضايقات والاعتقال أثناء سعيهن للحصول على اي معلومات حول المختفين، ويجدن أنفسهن في موقع المسؤولية كمعيلات وحيدات للأسر في ظل غياب الزوج أو الأب، ما يضعهن تحت ضغوط نفسية واقتصادية هائلة.

ورغم تعبير المجتمع الدولي عن قلقه إزاء هذه الممارسات، إلا أن هذه الإدانة لم تترجم إلى ضغوط فعالة على الاحتلال لوقف هذه الانتهاكات وبالتالي، يستمر الشعب الفلسطيني في المعاناة من جريمة الإخفاء القسري كجزء من حياتهم اليومية، مما يتطلب جهودا مستعجلة من المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية لضمان المساءلة ووضع حد لهذه الجرائم الغير انسانية.

إن تسليط الضوء على معاناة الفلسطينيين بسبب الإخفاء القسري يمثل خطوة أساسية نحو تحقيق العدالة. ويجب أن يكون اليوم الدولي لضحايا الإخفاء القسري تذكيرًا للمجتمع الدولي بأهمية اتخاذ خطوات فعالة لحماية حقوق الإنسان، ووضع حد لهذه الممارسات التي تنتهك الكرامة الإنسانية بشكل فاضح.

التوصيات:

1. العمل على إنشاء لجان تحقيق دولية مستقلة للتحقق من حالات الإخفاء القسري في فلسطين، وضمان تقديم المسؤولين عن هذه الجرائم إلى العدالة أمام المحاكم الدولية.

2. المطالبة بتوفير حماية فورية وشاملة لجميع الفلسطينيين المحتجزين في السجون الإسرائيلية، وضمان معاملتهم وفقًا لأعلى المعايير الدولية لحقوق الإنسان، مع التركيز على ضرورة إيقاف التعذيب والانتهاكات.

3. حث الدول والمنظمات الدولية على تكثيف الضغوط الدبلوماسية على إسرائيل، بهدف إيقاف جميع أشكال الإخفاء القسري والإفراج الفوري عن جميع المحتجزين دون وجه حق، بالإضافة إلى الكشف عن مصير المختفين.

4. ضمان تقديم تعويضات عادلة وكافية للضحايا وأسرهم، بما يشمل الدعم النفسي والاقتصادي، وتوفير حقهم في معرفة الحقيقة وتحقيق العدالة.

5. تقديم الدعم الشامل للأسر الفلسطينية التي تأثرت بالإخفاء القسري، من خلال توفير برامج دعم نفسي واجتماعي واقتصادي تساعدهم على تجاوز الصدمات، وتقوية النسيج الاجتماعي لضمان استمرارية الصمود في مواجهة الانتهاكات.

6. تعزيز الجهود الدولية لتوثيق جميع حالات الإخفاء القسري والانتهاكات المرتبطة بها، ونشر الوعي حول هذه الجرائم على مستوى عالمي لضمان عدم تكرارها ودعم جهود المساءلة والمحاسبة.

بيروت في 30/8/2024

المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد)